ومنذ أن تلقب السلاطين العثمانيون بلقب خادم الحرمين الشريفين إلى عهد السلطان أحمد خان ـ عليه الرحمة والغفران ـ كان كل واحد منهم ـ مادام معتليا عرش الخلافة ـ يرسل الستائر الداخلية للكعبة المعظمة والحجرة النبوية المعطرة ، بعد أن تصنع فى القرى التى سبق ذكرها ، لأن هذا أصبح قانونا منذ أقدم العصور ، إلا أنه كان يتساهل فى دقة صنعها ؛ لذلك أمر السلطان أحمد خان بصنع تلك الأقمشة في مصانع دار السلطنة حتى تراعى الدقة فى صنعها ؛ وفعلا نسجت أستار الكعبة المعظمة الداخلية فى غاية الإبداع ، وأرسلت في أواخر شهر جمادى الأولى سنة ١٠١٨ ه وأرسلت إلى البلاد الحجازية عن طريق مصر ، كانت تلك الستارة الشريفة التى أمر بصنعها السلطان المشار إليه تزن (٤٨٠٠) درهم وقد نسجت من حرير حلبى لا نظير له في بداعة الصنع ، وكان طول الحرير المستخدم (١٠٦٠) ذراعا وكانت جميلة إلى درجة أنه قيل إن باب السعادة لم ير مثيلا لها من قبل.
وقد شرع فى السنة المذكورة فى صنع شرائط ضريح السيدة فاطمة (رضى الله عنها) وكسوته وكسا الأساطين (١) الداخلية للكعبة المعظمة وتم وضعها كلها فى خلال عام (١٠١٩) وجعلت كل كسوة داخل صندوق خاص بها.
وفى الخامس عشر من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة أرسلت إلى الكعبة بواسطة مندوب خاص.
إن نطاق الكعبة المعظمة من أربع قطع طول القطعة منه واحد وخمسون ذراعا ، وعرضها ذراعا وأربعة أخماس ذراع ، وكسوة الروضة المطهرة التى تتألف من إحدى وخمسين قطعة طولها جميعا (٧٤٥) ذراعا ، وعرضها ستة أذرع وربع ذراع أما كسوة ضريح السيدة فاطمة فتتألف من عشر قطع وطول قماشها (١٠٠) ذراع وشريط هذا الضريح عشرة أذرع وربع ذراع ، وعرضه ثلاثة أذرع وربع ذراع
__________________
(١) هما الأسطوانتان الحنان والمنان.