الصرة السلطانية جريا على العادة المعهودة المرعية ، وفى ذلك اليوم تخرج المحفة فى احتفالات عظيمة من قصر السلطان الساحلى ، وتحمل على سفينة خاصة إلى شاطئ اسكدار فى نفس اليوم لوداع العطايا السنية لبعض الذوات الذين جرت العادة على نفحهم العطايا السلطانية.
وصول الصرة إلى أرض الشام وخروجها منها
يستريح أمين الصرة فترة قصيرة بعد ما يضع الصرة السلطانية التى وضعت فى عهدته فى المكان الخاص الذى عين له في دمشق ، ثم يسرع بالخروج إلى الطريق مستصحبا موكب الحج ، ويبتدر بالتوجه إلى الجهة المقصودة.
وبما أن تشييع موكب الحج من العادات المستحسنة للبلد ، ففى اليوم الذى يخرج فيه المحمل الشريف من الشام تذهب هيئة مكونة من مؤذنى الجامع الأموى ، وموظفى الدولة وخدمها والجنود النظاميين ورجال الشرطة السلطانية ـ بناء على عادة قديمة متبعة ـ إلى المكان المبارك الذى تحفظ فيه الراية المحمدية المقدسة ، والذى يقع فى داخل قلعة الشام ، ويمرون بها من أمام الدائرة الحكومية ، ويوصلونها إلى المكان الذى أعد لها من قبل فى دائرة المشيرية العالية ، وفى غير ذلك اليوم يسير جميع الموظفين المدنيين والأمراء والضباط والعلماء ذوى المكانة والوجهاء مرتدين ملابسهم الرسمية ذاكرين الله قارئين الأدعية المنجية مكبرين مهللين أمام موكب المحمل ، بينما تعزف فرقة الموسيقى السلطانية الألحان الموسيقية المناسبة ، ويوصلون المحمل إلى الخيمة التى أقيمت بالقرب من قرية قدم شريف ، وهى على بعد ساعة من دمشق حيث يستقبلهم الوالى والأعيان وكبار موظفى الدولة الذين كانوا فى انتظار المحمل الشريف ، وهناك تجرى مراسم للتسليم والتسلم ، ثم يبعث بالمحمل إلى أراضى الحجاز المقدسة. وكانت من العادات المتبعة عندما تخرج الصرة السلطانية من باب السعادة أن يوزع السلطان (١٤٤٤٦) قرشا ونصف قرش ، وكان ذلك المبلغ يوزع على النحو التالى : (١٥٢٥) قرشا لموظفى أمانة الصرة ، (٦٠٠) قرشا لبعض الجمالين ، (٧٢٠٠) قرشا للعاملين فى إدارة السندات النقدية ، (٥١٢١) قرشا للذين اجتمعوا في داخل القصر السلطانى وقت خروج المحمل.