وفيما بعد أعد جملا تبركا للمحمل ليحمل ستارة الكعبة الشريفة وبعض الهدايا. واستصوب أن يرسل أمام قوافل الحجاج الكرام. والآن يبعث بمحملين أحدهما من مصر ، والآخر من باب السعادة ، وينسب المحمل الذى يخرج من مصر لاسم «فاطمة» ، والذى يخرج من باب السعادة لاسم عائشة الصديقة رضى الله عنهما.
ورتب فى سنة (٩٦٧) إرسال محمل من اليمن وابتداء إرساله فى عهد ولاية المرحوم مصطفى باشا. وكان لهذا المحمل أمير الحج وقائد وشيخ من قبيلة بنى مرزوق ، وكان حجاج اليمن من قبل ذلك يذهبون ويرجعون بقوافل سريعة ، وكان اسم المحمل الذى أخرج من اليمن «حيسى» وسمى كذلك لأنه كان يخرج من مدينة «حيس» الشهيرة كانت حيس مدينة معمورة واقعة على بعد مرحلة من جنوب مدينة زبيد ، وقد اخترعت تلك المحامل من قبل (أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل المحاملى من المحدثين الكرام وولداه «محمد ويحيى» وأخوه «أبو القاسم» ، وفى عهد الحجاج الظالم وكان أعلاه مخروطى الشكل وتحسن شكله بمرور الأيام ، وزين فى عهد فاتح مصر والشام السلطان سليم بكسا مذهبة وستائر لطيفة.
وجهز السلطان سليم في سنة (٩٢٣) وفى الثامن من شهر شوال فى مدينة دمشق الشام محملا لا مثيل له فى العظمة والأبهة ، وسلمه لقافلة الحجاج التى ذهبت فى ذلك العام ، وأرسله إلى مكة المكرمة ، والقلم يعجز عن وصف ما كان عليه ذلك المحمل من نظام وأبهة وعظمة.
إن أول محمل أرسل إلى الحجاز فى الدولة العثمانية العلية لهو ذلك المحمل المذكور الذى جهزه السلطان المشار إليه ، ومازال إلى الآن يرسل على نفس الهيئة والشكل.
والمحمل الذى أمر السلطان سليم بصنعه كان محفة ذات أربعة أركان عليها قبة وأركانها الأربعة مزينة وقبتها كرة من الفضة ، وعلى الكرة التى فوق القبة علم ذهبى ، وقد كتب على قماش ستارة القبة منسوجا العبارة المنجية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، وفى زماننا عندما ترسل هذه المحفة إلى الحجاز تبعث معها