وعد المسلمون هذه الفعلة فى يوم فتح مكة من عادات الجاهلية ، ورفضوا القيام به معتبرين هذا العمل عارا عليهم ، أى أنهم رفضوا أن يسعوا بين المروتين ، وبناء على هذا نزل الأمر القرآنى (فَلا جُناحَ) (البقرة : ١٥٨) وأصبح السعى من مناسك الحج الواجبة.
وكان العرب فى الجاهلية يصعدون فوق سفوح هذين الجبلين بعد انتهاء مناسك الحج ، وكان الذين يجدون فى أنفسهم ما يفتخرون به يفتخرون بحسبهم ونسبهم ، كما أن بعضهم كانوا يطلبون أمورا دنيوية.
ولم تكن هناك مبان فوق هذين الجبلين إلى عهد أبى جعفر المنصور ، وكان الحجاج الذين يريدون أن يسعوا يصعدون فوق قمتى الجبل وينزلون عند سعيهم ، فبنى أبو جعفر فوق الصفا طاقا ذا اثنتى عشرة درجة ، وفوق المروة طاقا آخر ذا خمس عشرة درجة حجرية ، وبهذا أنقذ الحجاج من مشقة الطلوع والنزول فوق الجبلين. سقط طاق المروة فى سنة (٨٠٢ ه) وانهار فجدد السلطان فرج بن برقوق المصرى طاق (١) المروة المذكور ، وكذلك طاق الصفا وجعلهما فى شكل متناسق.
إن الطاقات التى صنعت فى عهد أبى جعفر المنصور قد جددت ، فى عهد فرج بن برقوق المصرى عدة مرات ورممت وعمرت ، ولكنها احتاجت للتعمير والتجديد بفعل الزمان ، لذلك عمر وزخرف مدير الحرم الشريف السيد أحمد هذين الطاقين ، بعد الاستئذان بشكل جميل وذلك فى سنة (١٢٩٦ ه).
الميلان الأخضران :
يوجد ما بين الجبلين ما يطلق عليه ما بين الميلين الأخضرين وهذا مكان مبارك طوله ٢٢ ذراعا معماريا. إن هذا المكان هو الذى رجعت فيه السيدة هاجر بسرعة لرؤية ابنها إسماعيل ـ عليه السلام ـ وكان ذلك المكان إلى سنة
__________________
(١) يروى عن أحد العلماء الذى يسمى سنجارى ، قوله إنه لم تكن هناك حاجة لبناء هذين الطاقين إلا أنه لا بأس بهما لدلالتهما على حدود السعى.