إن الروايات التى ذكرت ابتداء من اللاحقة كلها صحيحة ؛ لأنها نقلت بالأحاديث الصحيحة والأسانيد الموثوقة ولا شك فى ذلك.
استطراد :
إن مضاض بن عمرو بن الحارث الذى رمى الحجر الأسود فى بئر زمزم هو الثانى عشر من الملوك الذين حكموا القطر الحجازى ، وأول من تربع على العرش من ملوك الجراهمة هو جرهم بن قحطان بن عابر. بينما كان يعرب أخوه يحكم فى اليمن مكان أبيه استولى جرهم على أرض الحجاز.
وانتقل حكم البلاد الحجازية للجرهم السابق الذكر وبعد وفاته لابنه (عبد يا ليل) وبعد ارتحاله إلى (جرشم) بن ياليل وبعد وفاته إلى (عبد المدان) بن جرشم بعده إلى (ثقيلة) ابن عبد المدان وبعد وفاته إلى (عبد المسيح) بن ثقيلة ، وبعده إلى (مضاض) بن عبد المسيح ، وبعده إلى (عمرو) بن مضاض ، وبعده إلى أخيه (حارث) بن مضاض ، وبعده إلى (عمرو) بن حارث ، وبعد وفاته إلى أخيه (بشر) بن الحارث ، وبعد وفاة بشر إلى (مضاض) بن عمرو بن الحارث ، وانتقل حكم الحجاز فى عهده إلى أيادى الخزاعيين الغالبة.
عجيبة
يحكى أن المستعصم بالله البغدادى كان يملك حجرا أسود ، وأنه كان يجعل الناس يزورونه وكان بجانب ذلك الحجر كمرا ، وكان ذلك الحجر فى حجم الحجر الأسود وشكله ، وكان الكمر الذى بجانبه مستورا بستارة سوداء مصنوعة من قماش الأطلس.
وكان من آيات نخوة المستعصم أن من كان يريد أن يقابله من السلاطين والملوك لا يلقاه أحدهم قبل أن يزور ذلك الحجر ، ويقبله كما يزورون الكمر المستور. وقد أرسل فى عهد آتابك سعيد مظفر الدين أبو بكر قاضى القضاة مجد الدين واسمه إسماعيل إلى المستعصم حاملا رسالة له ، وفى اليوم الذى حدد للقاء الخليفة طلب منه أن يزور الكمر والحجر ويقبله مستلما ، ولما كان مجد الدين رجلا تقيا فى غاية التقى وزاهدا أراد أن يعود دون لمس الحجر ورؤية