وإساءة الأدب مع الله ـ تعالى ـ والإخلال بتعظيمه وإجلاله. إذ المراد من تعظيم الكعبة تعظيم من هى منسوبة إليه والإخلال بحرمتها إخلال بحق الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهذا من أقبح الأفعال ويستحق فاعل ما ذكر التأديب وعظيم النكال اللائق به وبما ارتكبه من إدخال ما ذكر بيت الله وجلوسه فيه مجلس تدريس غير مطلوب ، ولا نقل عن أحد ممن سبقه وإنما الحامل له عليه مجرد الشهوة والإرادة والإشاعة.
وقد صرح علماؤنا بأن المراد بالمحدث الذى هو بدعة وضلالة ما ليس له أصل فى الشرع وإنما الحامل عليه مجرد التشهى والإرادة ، وبيت الله تعالى يجب تنزيهه عن أن يفعل فيه شىء مما ذكر لما فيه من الإشعار بالاستحقار بحقه وعدم الاعتناء بشأنه والقيام بحرمته. وهذا خرق عظيم ووبال على فاعله وخيم ويترتب على السكوت على هذه الداهية العظمى ـ إن لم يزجر فاعلها ـ امتداد رقاب غيره إلى فعل ما فعله ليكون له شهرة بذلك فيصير بيت الله ـ الذى عظمه النبى ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بدخوله فيه بغاية التواضع ملعبة إن مكّن طالب ذلك منه. وإضافة لذلك فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح ـ على تقدير وجودها ـ فكيف وهذا الفعل على الوجه المذكور ليس إلا هتكا لحرمة بيت الله الذى إجلاله من إجلاله.
ومما دل على ما ذكرناه من كون فعل هذا الشخص بدعة شنيعة ، إنكار ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ على الجماعة الذين اجتمعوا فى المسجد يدعون اجتماعهم على هذه الهيئة المخصوصة التى لم يفعلها النبى ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والإنكار من هذا الصحابى العظيم على من ذكر لاجتماعهم على هذه الهيئة ، إشارة بأنهم مفتحو باب الضلالة فلا مراء أن من فعل هذا فهو من أشنع البدع وأكرهها وأقبحها والإنكار عليه من الأمر اللازم لينزجر هو وأمثاله عن العود إلى مثل هذا الفعل الغير اللائق بحرمة بيت الله تعالى ، وحديث الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لا يشك من له أدنى مكنة فى العلم أنه أفضل ما يقرأ لكن لما كان المقصود من دخول الكعبة الشريفة الصلاة والدعاء والاستغفار كما فعل ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كان المنع