مقتضيات العقل والشرع ، وإنما يقصرون حكمهم ـ مثال قطاع الطرق والبغاة الظلمة ـ على العنف وغصب الأموال وقتل النفوس والحركات غير المشروعة والتعديات الظالمة.
وبما أن هؤلاء قد سلموا زمام أمرهم وتدبيرهم للنفس الأمارة بالسوء ، ولما كان بصرهم وبصيرتهم فى غاية الظلام من ناحية الخير ، فهم لا يستهدون إلى الخير أبدا ، ولا يسلمون أبدا من الخطأ والقتل وفقا لمدلول قول الله تعالى :
(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور : ٤٠)
وقد أنعم الله ـ سبحانه وتعالى ـ على البشر بالعقل والقدرة والرشد والبصيرة ، وبين لهم فى الكتب المنزلة ما ينفعهم ويصلح من شأنهم ، وما يخص معاشهم ومعادهم ، وحذرهم من الانهماك فى الشرور والمفاسد ، لأن جزاء الخير والشر يعود لفاعله ، وانقراض دول ملوك الطوائف وبغاة المسلمين الذين لوثت أفعالهم المذمومة صفحات كتب التاريخ لدليل واضح على إثبات ذلك.
قد انقرضت تلك الدول بظهور سلاطين الدول الإسلامية الذين حكموا بالعدل ، وكانت القوة والمتانة من أحلافهم ، وبناء على هذا من واجب الأمة البحث عن إمام عادل تعيش تحت حكومته العادلة وسلطنته الفاضلة ، وقد ثبت ذلك باتفاق آراء الصحابة العظام والتابعين الكرام واتفق على هذا علماء المسلمين الأعلام بإجماع الأمة ، وحينما ارتحل النبى صلى الله عليه وسلم ، عن دنيانا إلى مقر الراحة الأبدية أسرع الصحابة بمبايعة الصديق الأكبر.
ومازالت البيعة تجرى على هذا النهج إلى عصرنا هذا ، ولم يترك أحد هذه السنة السليمة الغاية فى أى عصر من العصور مدعيا الانفراد والاستقلال برأيه ، والإجماع القطعى سند قوى فى الدلالة على الأحكام الشرعية وصحتها ، وبناءا