وصفت مقدما شمائله المباركة ونبى آخر الزمان الذى عرفته ليس الشخص الذى أتى إلى بلدنا وادعى النبوة. وإن كان له بعض علاماته الظاهرة وتردد أبو عامر مع المنافقين الذين يشاركونه فى أفكاره فى قبول الإسلام كما أشير إلى ذلك فى الآية :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (البقرة : ٨٩)
ودب دبيب الحسد فى نفسه للنصر الذى أحرزه المسلمون فى غزوة بدر الكبرى ، ومضى إلى مكة وحرض القرشيين على الحرب والثأر وتجرأ فى وقعة أحد المكدرة أن يرمى أول سهم على المسلمين من أجل ذلك لقبه النبى صادق القول ب «أبو عامر الفاسق».
قال بعض أئمة السير حينما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مثل أبو عامر الفاسق أمام النبى صلى الله عليه وسلم وقال له : يا محمد! ما نوع الأشياء التى تقول أنك أحضرتها من قبل الله فأجابه النبى صلى الله عليه وسلم إنه دين إبراهيم الحنيف فتفوه قائلا : أنا أيضا أتبع شريعة الدين الحنيف وأعلم بأحكامها وأراد بهذا أن يعرض أنه كان يعتنق قبل البعثة دين خليل الرب الجليل.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ألا إننى جئت بدين إبراهيم على المحجة البيضاء ، لا على ما ظننت وخمنته فغضب أبو عامر على أنه كذب بهذا الشكل وقال : «فليجاز الله الكذاب بالطرد والانعزال» ، وهكذا أظهر غيظه وحقده ونجى من القتل فى غزوة أحد وهاجر إلى بلاد الشام ، وانتسب بالمرة إلى حاكم القسطنطينية هرقل وحثّه على السعى لتجهيز الجيوش ضد المسلمين ولكنه لم يوفق فى ترويج أمله وتحقيقه.
وعندما عاد إلى المدينة قبل وقعة تبوك بمدة واشتغل بنشر العلوم حتى يستطيع