قد وهب لك نخيل فدك وملكك لا أتردد فى إحالة نظارتها عليك. فقال لها ما معناه : وأنت تعرفين جيدا أنه إذا كانت شاهدة دعوة من الإناث ، فإنه بمقتضى شريعتنا أن شهادة امرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد ومن هنا يلزم أن تأتى شاهدة أخرى مع أم أيمن.
ولما رأت هذه الإجابة الصحيحة تنازلت عن القضية. وما يقوله المؤرخون بأن السيدة فاطمة غضبت من أبى بكر جراء هذه الواقعة. لا يصح لأنه لم يظهر بين المشار إليهما أى نزاع يوجب أن يغضب أحدهما الآخر ؛ لأن الصديق ـ رضى الله عنه ـ لم يقل قولا خارج الشريعة الغراء حتى يغضب فاطمة ولم يظهر فى حقها أقل شىء يسئ إليها ويزعجها.
وطالب على ابن أبى طالب بحدائق النخيل تلك فى خلافة عمر بن الخطاب وأرضاه بدرجة ما. إلا أن العباس بن عبد المطلب بين استحقاقه لتلك الحدائق وأنه يستحق كذلك حدائق نخيل فدك وحدائق خيبر وأطال القول فى هذا الموضوع وأوصل الموضوع إلى درجة الخصومة ومن هنا طالب على بن أبى طالب عمر الفاروق بأن لا يعطى لأى واحد منهما حتى لا يكون الموضوع باعثا على الخصومة. وظلت المسألة مسكوتا عنها إلى عهد عمر بن عبد العزيز. ولما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة أظهر تعظيمه وحرمته لآل النبى صلى الله عليه وسلم بأن سلم نخيل فدك لأولاد فاطمة. إلا أن تلك الحدائق قد استردت فيما بعد وهكذا أوذى أحفاد النبى مرة أخرى وأهينوا وكان عمر بن عبد العزيز قد أسعد بنى فاطمة وجبر خاطرهم بأمر واليه فى المدينة فى أوائل جلوسه على عرش الخلافة بأن ملك نخيل فدك لأبناء على بن أبى طالب ولآل النبى صلى الله عليه وسلم إلا أن يزيد بن عبد الملك الذى تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز استرد نخيل فدك وترك آل بيت الكرام فى براثن العوز والحاجة إلى أن رد السفاح العباسى فى أثناء جلوسه على عرش الخلافة تلك الحدائق إلى أبى الحسن بن الحسن بن على ـ رضى الله عنهم فأجبر خاطرهم. وإن كان أبو جعفر المنصور أهان أهل البيت وجفاهم واسترد منهم حديقة فدك وترك شجرة سعى السفاح دون الثمار. ولكن عندما جلس