ما نظر إلى شفاء الذين يستعملون ذلك التراب بعد التخمير يمكن الحكم بأنه مأخوذ من حفرة «المدشونية» التى عرفها الإمام السمهودى.
المدشونية : اسم بستان جميل يقع فى جهة المدينة المنورة من البساتين التى يطلق عليها العوالى ، وفى داخل هذ البستان الجميل عدة حفر قديمة ومع خلو هذا البستان من سور يحميه فاللصوص لا يستطيعون أن يصلوا إلى محاصيله ويسرقوها ، مع أن البساتين المحاطة بالأسوار وفى داخلها عدة حراس تنقذ محاصيلها من البلح بصعوبة كبيرة ، وعلى هذا يمكن أن يعد عدم دخول اللصوص فى بستان المدشونية من جملة خصائصه. انتهى.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم كلما أحضر له مريض أو مجروح يتلو الدعاء سالف الذكر ثم يأخذ من الأرض قليلا من الغبار بأصابعه المباركة ويمسح به المريض ؛ جاءه يوما مريض يشتكى من جرح رجله وعرض عليه أنه لا يستطيع أن يتحمل الأوجاع فما كان من النبى صلى الله عليه وسلم مداوى جروح أمته إلا أن رفع قطعة الحصير التى كان يجلس عليها وأخذ قليلا من الغبار بسبابته (١) المباركة ومزجه بريقه السعيد ثم قال : «بسم الله ريق بعضنا يشفى سقيمنا» ثم مس به جرح الجريح ، وبناء على ما نقله من كان فى مجلس النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك اليوم قد التئم جرح المجروح وعوفى من علته وعاد سالما معافى.
كما أن بلح المدينة يفيد من شفاء بعض العلل والأمراض ، إذ ترى مرضى البلدة الطاهرة يشفون بتناول سبعة أعداد من العجوة صباحا فى سبعة أيام ، وإذا ما سئل عن سبب يشفون يقولون : «إن الصديقة ـ رضى الله عنها ـ نبهت المصابين بعلة (٢) «الدوام والدوار» يأكل فى كل صباح سبعة تمرات وينقل عن سعد بن أبى وقاص أنه قال : «قد مرضت فى فترة ما وشرفنى إذ ذاك طبيب مرضى القلوب من أمته ـ رضى الله عنه ـ فى منزلى ووضع يده السعيدة بين نهدى وطيب خاطرى بلفتة كريمة تساوى الدنيا بما فيها قائلا «إنك رجل شجاع»
__________________
(١) يطلق السبابة على إصبع الشهادة.
(٢) دوام دوار : يعنى الصداع المزمن يقال للصداع المزمن فى الاصطلاح الطبى دوار الرأس.