سوءا في ليلة العقبة ، قال الحلبي : « فلما أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء إليه أسيد بن حضير فقال : يا رسول الله ، ما منعك البارحة من سلوك الوادي ، فقد كان أسهل من سلوك العقبة ، فقال : أتدري ما أراد المنافقون! وذكر له القصة ، فقال : يا رسول الله قد نزل الناس واجتمعوا ، فمر كلّ بطن أن يقتل الرجل الذي همّ بهذا ، فإن أحببت بيّن بأسمائهم ، والذي بعثك بالحق لا أبرح حتى آتيك برءوسهم ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : إني أكره أن يقول الناس أن محمدا قاتل بقوم حتى أظهر الله تعالى بهم أقبل عليهم يقتلهم ، فقال : يا رسول الله هؤلاء ليسوا بأصحاب. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أليس يظهرون الشهادة! ثم جمعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبرهم بما قالوه وما أجمعوا عليه ، فحلفوا بالله ما قالوا ولا أرادوا الذي ذكر فأنزل الله تعالى ( يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ) الآية. وأنزل الله تعالى : ( وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ).
ودعا عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال : اللهم ارمهم بالدبيلة وهي سراج من نار يظهر بين أكتافهم حتى ينجم من صدورهم انتهى. أي : وفي لفظ شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلكه » (١).
ومن ذلك دعاؤه صلّى الله عليه وسلّم على من قطع صلاته. قال الحلبي : « وفي الإمتاع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو بتبوك صلى إلى نخلة ، فجاء شخص فمر بينه وبين تلك النخلة بنفسه ، وفي رواية وهو على حمار ، فدعا عليه صلّى الله عليه وسلّم فقال : قطع صلاتنا قطع الله أثره. فصار مقعدا » (٢).
ومن ذلك : دعاؤه على من كان يحاكيه في مشيه صلّى الله عليه وسلّم. قال السيوطي : « أخرج أبو الشيخ عن قتادة وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رجل خلف النبي صلّى الله عليه وسلّم يحاكيه ويلبطه ، فرآه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : كذلك فكن. فرجع إلى أهله فلبّط به مغشيا شهرا ، ثم أفاق
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ / ١٢١ في غزوة تبوك.
(٢) السيرة الحلبية ٣ / ١٢١.