وقال القاضي البيضاوي : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) في الأمور كلّها ، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلاّ بما فيه صلاحهم ، بخلاف النفس ، فلذلك أطلق ، فيجب عليهم أن يكون أحبّ إليهم من أنفسهم ، وأمره أنفذ فيهم من أمرها ، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
روى أنه صلّى الله عليه وسلّم أراد غزوة تبوك فأمر الناس بالخروج ، فقال ناس : نستأذن آبائنا وأمهاتنا. فنزلت » (١).
وقال جار الله الزمخشري : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ ) في كلّ شيء من أمور الدنيا والدين من أنفسهم ، ولهذا أطلق ولم يقيد ، فيجب عليهم أن يكون أحبّ إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، وحقه آثر لديهم من حقوقها ، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها ، وأن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب ووقاءه إذا ألقحت حرب ، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه ويتبعوا كلما دعاهم إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصرفهم عنه ... » (٢).
وقال قاضي القضاة أبو العباس أحمد بن الخليل الخويي* توجد ترجمته في كتب الطبقات ، قال ابن قاضي شهبة : أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى المهلبي ، قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس الخويى. ولد بخوي في شوال سنة ٥٨٣ ... قال السبكي في الطبقات الكبرى : وقرأ الفقه على الرافعي ، وقرأ علم الجدل على علاء الدين الطوسي وسمع الحديث من جماعة ... قال الذهبي : كان فقيها إماما مناظرا خبيرا بعلم الكلام أستاذا في الطب والحكمة ديّنا كثير الصلاة والصيام. توفي في شعبان سنة ٧٣٧* قال بتفسير الآية المباركة :
« تقرير لصحة ما صدر منه صلّى الله عليه وسلّم من التزوّج بزينب ، وكأن
__________________
(١) أنوار التنزيل للبيضاوي : ٥٥٢.
(٢) الكشاف للزمخشري : ٣ / ٥٢٣.