شيئا حرم على الأمة التعرّض إليه في الحكمة الواضحة » (١).
وقال النسفي : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) أي أحق بهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، فعليهم أن يبذلوا نفسه دونه ويجعلوها فداءه ، أو هو أولى بهم أي أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم (٢).
وقال النيسابوري : « ثم إنه كان لقائل أن يقول : هب أن الدّعي لا يسمى ابنا ، أمّا إذا كان لدعيّه شيء أحسن فكيف يليق بالمروة أن يطمع عينه إليه وخاصّة إذا كان زوجته ، فلذلك قال في جوابه : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) والمعقول فيه : إنه رأس الناس ورئيسهم فدفع حاجته والاعتناء بشأنه أهم ، كما أن رعاية العضو الرئيس وحفظ صحته وإزالة مرضه أولى ، وإلى هذا أشار النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله : ابدأ بنفسك ثم بمن تعول.
ويعلم من إطلاق الآية أنه أولى بهم من أنفسهم في كلّ شيء من أمور الدنيا والدين. وقيل : إن أولى بمعنى أرأف وأعطف ، كقوله : ما من مؤمن إلاّ أنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فأيّما مؤمن هلك وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، وان ترك دينا أو ضياعا أي عيالا فإليّ » (٣).
وقال المحلّي : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه » (٤).
وقال الشربيني : « ولمّا نهى تعالى عن التبني وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد تبنى زيد بن الحارثة مولاه لما اختاره على أبيه وعمه كما مر ، علّل تعالى النهي
__________________
(١) التفسير الكبير لأبي العباس الخويي ـ مخطوط.
(٢) مدارك التنزيل ٣ / ٢٩٤.
(٣) غرائب القرآن ٢١ / ٧٧ ـ ٧٨.
(٤) تفسير الجلالين : ٥٥٢.