فالقرآن الكريم فرّق تفريقا واضحا بين النفس والروح والجسد كما أشرنا إلى ذلك في بحث سابق.
ب ـ الوفاة الصغرى : وهي النوم وفيه تفارق الروح النفس والجسد جزئيّا وليس كليّا ، وهذا المعنى لا يعرفه إلا القلة مع أنه واضح من خلال قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ). ومن دعاء الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ما روي عنه قبل استسلامه للنوم : «اللهم بك أحيا وبك أموت وإليك النشور». وعند يقظته : «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور» (الترمذي ـ البخاري).
ولقد بين العلم اليوم أن جميع أعضاء الجسم تعمل بصورة بطيئة خلال النوم ؛ كما أن أكثر الثوابت في الدم من هرمونات ومواد كيميائية أخرى تتغير خلال النوم ، وليس من تعليل علمي حتى الآن لهذه التغيرات ، وقد لا يجد العلم تعليلا لكثير من ظواهر النوم ، ومنها الأحلام ، إذا لم يسلم جدلا بوجود الروح. ونحن نعتقد من زاوية إيمانية أن الروح ، خلال النوم ، تترك الجسد والنفس جزئيّا وليس كليّا وتنتقل إلى بارئها. فالنوم هو وفاة صغرى للجسد والنفس فقط وبرجوع الروح جزئيا إلى خالقها خلال النوم ترتاح النفس وكذلك مختلف أعضاء الجسم وتستعيد نشاطها خلال النوم ، ذلك أن الروح وهي العلة الأولى أي المسير الأول للنفس والجسد ، ومن خلال تواجدها فيهما تتعبهما ، وبالنوم ترتاح دوريا أجسام المخلوقات من هذا السر الإلهي الهائل القوة ، علة الحياة في المخلوقات. ودليلنا القرآني على ثقل وقع الروح على الجسم والنفس هو الآتي :
١ ـ كان عليه الصلاة والسلام كلما أتاه ملاك الوحي بالتنزيل ، يتفصد عرقا ، أو يسمع عند أذنيه طنين كطنين النحل ، ويبقى مجهدا لبعض الوقت حتى يسري عنه. [سأل الحارث بن هشام رضي الله عنه ، رسول الله فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله : أحيانا يأتيني مثل