إلى إيمان الدليل. فكل إنسان مهما بلغ إيمانه بالله عزوجل ، يمر بلحظات قد يتزعزع فيها إيمانه فيشك بالمعجزات التي أتى بها الرسل ، وخاصة اليوم ، ولكي يبقى بعيدا عن عوامل الشك هذه ، لا بد له من دليل ثابت يراه ماثلا أمام عقله ومنطقه في كل ثانية على وجود الله ، وهذا الدليل يجده كل من أراد وحسب درجته العقلية والعلمية في كتاب الله المقروء القرآن الكريم وكتاب الله المخلوق الكون وما حواه.
أما أن نترك الإيمان للشعور والوجدان فقط فهذا لا يكفي وخاصة في القرن العشرين ، عصر العلم والبرهان.
ولو تساءل كل مسلم بينه وبين نفسه ، وهذا بنظرنا هو بداية طريق الإيمان الصحيح ، ما هو برهانه الإيماني الذي لا يستطيع من خلاله إلا أن يقر بوجود الخالق وصدق التنزيل ، لوصل برأينا إلى درجة الإيمان الصادق والذي سبق تعريفه. ولقد سئل أحد كبار المؤمنين عن برهانه الإيماني ، فأجاب بكل بساطة : حياة النملة وطريقة عيشها. ولا عجب في جوابه فلقد سميت سورة من كتاب الله باسم «النمل» ، أما «أينشتاين» فلقد كان دليله الإيماني هذا النظام البديع الموجود في كل خلق من مخلوقات الله ، فالله كما يقول «أينشتاين» لا يلعب النرد مع الكون (١).
ولو اطلع أينشتاين على الآية الكريمة التالية من كتاب الله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِ) (أي النظام المحكم الضروري) (عَلَى الْباطِلِ) (أي الفوضى والصدقة والجهل) (فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء : ١٦ ـ ١٨) ، ربما كان من كبار المسلمين الموقنين بالقرآن الكريم ورسالة الرسول العظيم إلى جانب إيمانه العميق بالله. وكذلك هي الحال بالنسبة لبقية العلماء من المؤمنين الذين رأوا أن كل
__________________
(١) Dieu ne joue pas aux des avec le monde. EINSTEIN : Sa vie et son epoque ـ Edition Stock, Ronald ـ Clark. p. ٧٣