مخلوق درسوه بالعمق هو موقّع بيد الخالق البارئ المصوّر ناطق بقوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ).
ولقد بدأت أولى مسيرتي الإيمانية اليقينية بفضل المولى ، بمقال علمي قرأته عن توسع الكون الدائم ، أتبعته قبل أن أستسلم للنوم ، بشيء من قراءة الذكر الحكيم وكانت من الطفولة قراءة تقليدية للتبرك والاستعاذة كما علمني الأهل ، استوقفتني خلالها الآية الكريمة التالية : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ). (الذاريات : ٤٧) هذه الآية الكريمة أحدثت في كل خلية من خلايا دماغي المفكرة ، رجة إيمانية ، فكونت عندي أول الأدلة البرهانية العلمية والعقلية والمنطقية ، على وجود الله ، وأن القرآن الكريم هو كلامه فالآية الكريمة (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) هي بالنسبة لمنطقي وعقلي ، وكذلك يجب أن تكون بالنسبة لكل من عرف شيئا من علم الفلك ، السد المنيع والبرهان الدائم ضد كل شك أو تشكيك بالله وكتابه ومن أي جهة أتى ، ما دام العلم قد أثبت منذ النصف الأخير من القرن العشرين أن الكون في توسع دائم وقد سبقه القرآن الكريم إلى ذلك منذ خمسة عشر قرنا ولا تكون هذه الآية عند كل ذي منطق وعقل سليمين إلا دليلا يقينيّا على وجود الله ، وعلى أن القرآن الكريم هو كلامه ، ومن أولى بديهيات المنطق السليم الالتزام الكلي بكل ما أمر به المولى في كتابه ونهى عنه ، واليقين بكل ما أنبأ به من أنباء ، وقص فيه من قصص ، وضرب فيه من أمثال. ومنذ ذلك الوقت آليت على نفسي أن أدرس كتاب الله الكريم وأحاول فهمه والعمل بمضامينه كما درست كتب الطب وعملت بمضامينها وأنا منذ ذلك الوقت من السعداء.
لقد اتبعت حتى الأربعين من عمري سبل الإيمان التي أدعوها بالتقليدية ، وهو ما تعلمته واكتسبته في بيتي ومدرستي ومجتمعي ، ولقد وجدت بحكم خبرتي الشخصية والمهنية أن الإيمان التقليدي ، وهو ما يتبعه أكثر الناس ، عرضة للتصدع والتراجع وخاصة عند المتعلمين الذين لم يطلعوا على الجوانب العلمية الصرفة في الدين الإسلامي ، وأمام أي موجة إلحادية سواء