يسأل عن العلاج ، وكلنا يعلم كم من المرضى العصابيين وتحت ظواهر نفسية مختلفة ، يدخلون المستشفى وهم في أشد الحالات المرضية النفسية العصابية ، وبعد بضع دقائق أو ساعات وقليل من المصل أو حقنة مهدئة ، وفحوصات مخبرية وشعاعية مطمئنة ، يشفون ، ولكن لبعض الوقت. إنه الخوف من الموت ، والطبيب والمستشفى هما الشفاء من الموت باعتقادهم والحقيقة أن الطب يخفف الألم ويشفي من بعض العلل ، ولكن لم ولن يمنع الموت.
عشرات المرضى من هذه النوعية ، ندعوهم بالموسوسين. يطرقون أبواب الأطباء والمشعوذين الروحيين ، متأبطين أكداسا من الصور الشعاعية والتحاليل المخبرية ، عارضين العشرات من الأدوية والوصفات الطبية والتقارير الاستشفائية معذّبين ومعذّبين لأهلهم ومحيطهم الأسري ، كلما اختفت أعراض مرضية وظيفية من عضو في جسدهم ، ظهرت أعراض في موضع آخر. هؤلاء الموسوسون هم في الحقيقة يهربون من عقد خوف الموت المتأججة عندهم ، ولا شفاء لهم برأيي إلا من خلال معالجة نفسية تحليلية مرتكزة ومستندة إلى معطيات الإيمان الصحيح. إنهم أصعب المرضى معالجة بل هم «كابوس الأطباء» ومصدر ابتزاز من قبل بعض الأطباء ممن لا يلزمه ضمير مهني أو وازع إيماني!!
ه ـ عقدة عدم الاعتقاد بالموت أو عقدة حب الخلود أو عقدة الخطيئة الأولى : إن عقدة حب الخلود (وهي الوجه المقابل لنفس العقدة : عقدة خوف الموت) هي من الطرق التي يحاول الإنسان غير المؤمن أن يسلكها للهروب من الموت ، محاولا بذلك شعوريا أو لا شعوريا تجنب وطمس كل شيء يذكره بالموت ، فينعكس ذلك مرضيّا على تصرفاته ، فنراه يجمع الثروات ويكدس الأموال ويقترف المظالم ويتشبث يائسا بالدنيا وكأنه سيبقى فيها أبدا.