وعقدة حب الخلود هي النافذة التي من خلالها نفذ الشيطان إلى نفسية سيدنا آدم وزوجته ، فأغراهما بالمعصية وأطاعاه ، رغم أن المولى أعطى آدم كل أسباب السعادة في الجنة الأرضية التي كان فيها إلا الخلود (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى. فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى. فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (طه : ١١٨ ـ ١٢١).
إن التخلص من عقدة حب الخلود ، ونحب تسميتها بعقدة «الخطيئة الأولى» لا يكون بالهروب اللاهث من الموت كمن يهرب من ظله بل بالاعتقاد اليقيني بقوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) فالموت بالنسبة للمؤمن هو نومة كبرى وانتقال من حياة دنيا ، هي حياة تكليف واختبار وبلاء ، إلى حياة فضلى خالدة. وما الدعاء الشائع اليوم : أطال الله عمرك ، إلا انعكاس دفاعي نفسي لتخفيف وقع الموت في نفس الإنسان. أما المسلمون الأوائل الذين عقلوا معنى الموت فكانت سبّة بالنسبة لبعضهم أن تنعت أحدهم بطويل الأمل في الحياة.
ولا يستطيع الإنسان أن يمحو هذه التصورات المتجذرة في أعماق شعوره عن الموت وعقده إلا من خلال التسليم اليقيني بالآيات الكريمة المتعلقة بمعاني الموت وما يمثله ، ولا يمكن للإنسان أن يسلم عقليا بهذه الآيات إلا إذا اقتنع عقله علميّا بأن كل ما جاء في القرآن الكريم هو كلام الخالق ، ولا شيء يستطيع أن يقنع عقل الإنسان بكلام الله وخاصة إنسان اليوم ، إلا العلم ، وفي القرآن الكريم مئات الآيات العلمية التي سبقت العلم بقرون والتي جاء العلم يطأطىء الرأس أمامها ويسلم بأنها حقا من عند الله.
من وجهة نظرنا نحن نرى أن لا شيء يجعل الإنسان يؤمن إيمانا ثابتا إلا بما يقنع به عقله ، ومتى اقتنع عقله ، خشع قلبه والتزمت جوارحه وتخلصت