٥ ـ جولة في المقدمة :
لقد أطال الشيخ أبو الحسن رحمهالله الكلام في مقدمة كتاب الإمامة والتبصرة ، بحيث خرج عما اعتاده المؤلفون من اختصار المقدمة وحصرها على ذكر سبب التأليف وبعض الشؤون الأخرى ، خاصة عند القدماء الذين قد تخلو كتبهم عن المقدمات سوى البسملة والتحميد ، لكن الشيخ تحدث في هذه المقدمة بصورة موسعة بما يمكن أن يُعد رسالة مستقلة في موضوع ( الغيبة ) .
وقد عرفنا أنه يتبع في المقدمة أسلوب أهل الكلام ، حيث يعرض الافتراضات للبحث والمناقشة ، ، ثم الإجابة عنها ، كما عرفنا ) أن وجهة كلامه إنما هم أهل الإيمان بالإمامة كأصل من أصول المذهب الاثني عشري ، دون غيرهم من المخالفين ، ومن الواضح أن الحديث مع المعتقدين بالإمامة ، حول مسائل الغيبة ، أسهل ، لأن مراحل كثيرة تكون مطوية لدى الباحثين ، وخاصة في عصر المؤلف ، حيث لم يمض على حدوث الغيبة سوى ( ٦٩ ) سنة ، ويكون عمر الإمام المهدي عليهالسلام عند نهايتها قد بلغ ( ٧٣ ) سنة ، فلم توجد عندهم مشكلة علمية من ناحية عمره عليهالسلام ، كما لم تكن هناك مشكلة تاريخية عند عامة الشيعة لثبوت ولادته متواتراً ، فلم يكن كل ذلك محلاً للبحث .
وإنما كان المطروح هو الناحية الاجتماعية على أثر فراغ الساحة من القائد في هذه المدة الطويلة ، من جهة ، والجمع بين الأحاديث التي ظاهرها الاختلاف .