من جهة أخرى ، فلذلك تصدى الشيخ لتدارك هذين الأمرين ، يقول ( في الفقرة ٢ ) من المقدمة ، ما نصه : ورأيت كثيراً تمن صح عقده ، وثبتت على دين الله وطأته ، وظهرت في الله خشيته ، قد أحاره الغيبة وطال عليه ، حتى دخلته الوحشة ، وأفكرته الأخبار المختلفة ، والآثار الواردة ... جمعت أخباراً تكشف الحيرة ، وتحسم العمة ، وتنبيء عن العدد وتونس من وحشة طول الأمد .
ويظهر أن المعتقدين ضاقوا ذرعاً بالدعاوي الفارغة بالوكالة والبابية ، بل المهدوية أيضاً ، والتي كثرت تلك الأيام ، من الفرق والانحرافات التي كانت تستهوي الغوغاء ، بل وتخترق ـ أحياناً ـ صفوف العلماء ، في جو مليء بالكتمان والتقية والفزع والحيرة ، وإذا لاحظنا أن الناس كانوا قريبي عهد بظهور الأئمة وتواجدهم بشكل أو بآخر في الساحة ، اتضح ما كان على العلماء من واجب الدفاع عن حريم الإمامة وحل مشاكل الغيبة ، ورد التساؤلات ودفع الاشكالات ، التي كان أصحاب الفرق والأهواء تطرحها .
وبما أن الشيخ أبا الحسن ابن بابويه كان من كبار المراجع لتلك الفترة فقد هب بتأليف هذا الكتاب لأداء جزء مما كان عليه وزبدة عمله مجموعة في مقدمته ، الموسعة ، فلتكن لنا جولة في ربوعها :
يذكر الشيخ ، في صدر مقدمته ـ بعد الحمد والثناء الله والصلاة والسلام على الأولياء ـ أن الإمامة أصل تعتمد عليه الواجبات الدينية من الصلاة والصوم وغيرهما ، لأن هذه الواجبات وهي التي يتقوم بها الدين لا تدرك إلا بإمام مرشد إليها ودليل عليها .
ثم یُعرج ، على مسألة مهمة ، وهي : : أسباب اختلاف الروايات ، وموجبات الحيرة والشبهة ، فيؤكد بأدلة كثيرة ، ومطاردات عديدة ، على أن السبب الأساسي في ذلك هو الخوف من الأعداء ، والتقية من الظالمين فالهدف ـ وكما جاء في النص ـ هو : ( أن يحمي خيط الرقبة ) .