الأمر الأول : أشار به إلى « الأمل » الذي تبعثه الغيبة في نفوس المستضعفين ، وأن الانتظار لا يزرع في قلوبهم القسوة والحمود واليأس ، بل يخلق في نفوسهم النشاط والوثبة والبأس ، لأنهم ـ بالإيمان بالغيبة ـ لا يجهلون المصير ، كما يتخيل المبطلون ، بل هم على موعد من التحرر بقيادة حكيمة مدعومة بالنصر الإلهي .
والأمر الثاني : يشير به إلى حساب الطواغيت المتسلطين على رقاب الناس ، فإن الغيبة تبعث في أعماقهم رعباً لا لا . يهدأ لأنهم لا لا يعلمون متى : وعد الله بالعقاب ؟ بل هو آتيهم من حيث لا يشعرون ، إن جهلهم يُربكهم ، ويجعلهم في ريب مما يقومون به من الظلم والفحش ، لأنهم و يحسبون كل صيحة عليهم ) .
والأمر الثالث : هو أهم الأمور ، لأن الغيبة تجعل الإنسان المؤمن العامل في سبيل الله ، في حالة الانذار القصوى ، دائماً على استعداد تام ، لكي يقوم بدوره في كل حين ، يعد الأيام بل الساعات ليحين الحين ، لكي ينطلق نحو الهدف ، إنه لا بد ان يهنىء حاله بكامل العدة من الصلاح والسلاح ، ان الانتظار على هذا تعني عملية استنفار مستمرة الجند الله وحزبه العاملين ، فما أعظم ذلك من حكمة ! .
والأمر الرابع : أن الوعد والوعيد والتبشير والانذار ، لما اعتادت النفوس على الاهتمام بهما ، والاعتماد عليهما في الحياة ، بل أن مبنى الناس في إقدامهم أو إحجامهم ، على الأماني والأمال ، أو على أساس الخوف والفزع ، لهذا ، فإن الانتظار يكون لعامل الخير أمنيةً يرجوها ويأملها ، فيستمر في عمل الخير على أساسها ، ولعامل الشر خوفاً كامناً يتبعه ، ووحشة تلحقه فتردعه عن شره وتكفه عن اتباع سريرته السيئة .
والأمر الخامس : إشارة الى سنة الحياة ، في تنازع البقاء ، وأن تبقى بعض الأمور مجهولة ، كي تستمر عجلة الحياة في السير ، ولا تحمد جمرة الوجود عن .