الجنة ) ومعه رهط من آل محمد في كربلاء .
وما أروع ما قاله الشاعر :
آل حربٍ أوقدتم نار حربٍ |
|
ليس يخبو لها الزمان وقودُ |
فابن حربٍ للمصطفى وابن هندٍ |
|
لعليٍّ وللحسين يزيدُ |
إن معاوية بدهائه ومكره إستطاع أن يجنّد بلاد الشام ونواحيها لحرب علي بن أبي طالب ولم يكن ذلك بالأمر السهل بتاتاً لولا أن ولايته التي دامت ثمانية عشر سنة تقريباً هي التي ساعدته على ذلك .
ففي سنة ١٥ هجرية ولّاه عمر بن الخطاب الأردن ، وفي سنة ١٧ هجرية مات أخوه يزيد بن أبي سفيان الذي كان والياً على الشام من قبل عمر فولّاه إياها ، وحين تولى عثمان الخلافة في سنة ٢٣ هجرية أقره على عمله وضم إليه ولاية حمص وفلسطين والجزيرة ، وبذلك مدّ له في أسباب السلطان إلى أبعد مدىً مستطاع (١) .
إن هذه السنين الثمانية عشر كافيةٌ في إنشاء قاعدة قوية ينطلق منها أمير كان يطمح للملك وأن يبسط سلطانه على الدولة الإِسلامية سيما إذا إصطبغ بلون شرعي ينطلي على البسطاء من العامة ، ككاتب الوحي ، وقرابة الرسول ، وخال المؤمنين والمولّى من قبل الخلفاء الراشدين ، بل بإمكاننا التصور أن هناك جيلاً كاملاً لم يعرف والياً ولا مرشداً له غير معاوية ، أما الزعماء والقادة فكانوا يعيشون في بحبوحةٍ من الترف والبذخ حياة فارهةً بما أعطى الله المسلمين من الفيىء ، وبذلك وطد أركان ملكه حتى أنه قال عن نفسه : « أنا أول الملوك ! » .
على ضوء هذا يمكننا الجزم بأن غالبية جنده كانوا مضللين مخدوعين ، وأوضح دليل على ذلك أن عمرو بن العاص كان إذا غضب منه يهدده بما يفسد عليه أهل الشام ، فكان معاوية يبادر إلى استرضائه ، كما سيأتي .
__________________
(١) الطبري ٤ ص ٦٠ وص ٢٤١ وأبو ذر الغفاري المؤلف ص ١٠٨ .