فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ وكان على بيت المال ـ ما زلنا معك في زيادة منذُ اليوم ! . ثم تقيأ في المحراب . وفيه يقول الحطيئة :
شهدَ الحطيئةُ يوم يلقى ربَّه |
|
أن الوليدَ أحق بالعذر ـ |
نادىٰ وقد تمت صلاتُهم |
|
أأزيدكم ؟ سكراً وما يدري |
فأبوا أبا وهب ولو أذنوا |
|
لقرنتَ بين الشَفعِ والوِترِ |
كفوا عنانك إذ جريت ولوُ |
|
تركوا عنانك لم تزل تجري ـ (١) |
وخطب ذات يومٍ ، فحصبه الناس بحصباء المسجد ، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات لتأبط شراً :
ولستُ بعيداً عن مدام وقينةٍ |
|
ولا بصفا صلدٍ عن الخير معزلِ |
ولكنني أروي من الخمر هامتي |
|
وأمشي الملا بالساحبِ المتسللِ |
وأشاعوا بالكوفة فعله ، وظهر فسقُه ومداومتهُ شربَ الخمر ، فهجم عليه جماعة من المسجد فوجدوه سكراناً مضطجعاً على سريره لا يعقل ، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ ، ثم تقايأ عليهم ما شرب من الخمر ، فانتزعوا خاتمه من يده ، وخرجوا من فورهم إلى المدينة ، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده على الوليد أنه شرب الخمر . فقال عثمان : وما يدريكما أنه شرب الخمر ؟ فقالا : هي الخمر التي كنا نشربها في الجاهلية ، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه ، فزجرهما ودفع في صدورهما .
فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخبراه بالقصة ، فأتى عثمان وهو يقول : « دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ ! فقال له عثمان فما ترى ؟ قال : أرىٰ أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسه بحجّةٍ أقمت عليه الحَدَّ .
فلما حضر الوليد ، دعاهما عثمان ، فأقاما الشهادة عليه ولم يدل بحُجَة ، فألقى عثمان السوطَ إلى علي . فقال علي لابنه الحسن : قم يا بني
__________________
(١) النصائح الكافية / ١٦٥ .