فأقم عليه ما أوجب الله عليه . فقال : يكفينيه بعض من ترىٰ ، فلما رأى إمتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمان لقرابته منه ، أخذ عليٌّ السوطَ ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبّه الوليد وقال : يا صاحب مكْس . فقال عقيل بنُ أبي طالب وكان ممن حضر : إنك تتكلم يا بن أبي مُعَيْط كأنك لا تدري من أنت ؟! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية . . فأقبل الوليد يروغ من عليّ ، فاجتذبه عليٌّ فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط . فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا . قال : بل وشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُؤخذ منه (١) .
وحدّث عمر بن شبة ، قال : لما قدِم الوليد الكوفة ، وفد عليه أبو زبيد الطائي النصراني ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على باب المسجد ، فاستوهبها منه ، فوهبها له ، وكان أول الطعن عليه لأن أبا زبيد كان يخرج من منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران ، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه .
وعن ابن الأعرابي قال : أعطىٰ الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر من الشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً ، فلما عُزل الوليد وولي سعيد انتزعها منه وأخرجها عنه .
قال : ولما قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال : إغسلوا هذا المنبر ، فإن الوليد كان رجساً نجساً . فلم يصعده حتى غسل .
ومات الوليد فوق الرقة . وبها مات أبو زبيد ، ودفنا في موضع واحد ، فقال في ذلك أشجع السلمي وقد مر بقبرهما :
مررتُ على عظام أبي زبيدٍ |
|
وقد لاحت ببلقعة صلودِ |
وكان له الوليد نديمَ صدقٍ |
|
فنادم قبرُه قبرَ الوليد (٢) |
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٣٣٥ .
(٢) النصائح الكافية ١٧٢ الحاشية .