ويسرد لنا ابن الأثير القصة مختصرةً ، فيقول : « اجتمع أصحابُ رسول الله من المهاجرين والأنصار ، وفيهم طلحة والزبير وأتوا علياً فقالوا له : إنه لا بد للناس من إمام !
قال : لا حاجةَ لي في أمركم ، فمن اخترتم رضيتُ به . فقالوا : ما نختارُ غيرك ! وترددوا إليه مراراً وقالوا له في آخر ذلك : إنا لا نعلمُ أحداً أحقّ بها منك ، ولا أقدم سابقةً ، ولا أقرب قرابةً من رسول الله ( ص ) .
قال : أكون وزيراً خيراً من أن أكون أميراً . قالوا : واللهِ ما نحن بفاعلين حتى نبايعك » (١) .
وكانت مبايعته نمطاً جديداً في الخلافة لم يسبق لأحد ممن كان قبله ، فإن بعضهم يصف البيعة فيقول : « خرجتُ في أثره والناسُ حوله يبايعونه ، فدخل حائطاً ـ بستاناً ـ من حيطان بني مازن فألجأوه إلى نخلة ، وحالوا بيني وبينه ، فنظرت إليهم وقد أخذت أيدي الناس ذراعه تختلف أيديهم على يده ! (٢) .
والإِمام يصف ذلك المشهد بنفسه فيقول : فما راعني إلا والناسُ كعُرفِ الضبع إليَّ ، ينثالون علي من كل جانب ، حتى لقد وُطىءَ الحسنان ، وشُقَّ عِطفاي مجتمعين حولي كربيضةِ الغَنَمَ . . » (٣) .
وكان أول من بايعه وصفق على يده طلحةُ بن عبيد الله .
فقام الأشتر وقال : أبايعك يا أمير المؤمنين على أن عليَّ بيعة أهل الكوفة .
ثم قام طلحة والزبير فقالا : نبايعك يا أمير المؤمنين على أن علينا بيعة المهاجرين .
__________________
(١) الكامل ٣ / ١٩٠ ـ ١٩١ .
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ٤٧ .
(٣) نهج البلاغة ١ / ٣١ .