ثم قام أبو الهيثم بن التيهان ، وعقبة بن عمرو ، وأبو أيوب فقالوا : نبايعك على أن علينا بيعة الأنصار .
وقام قومٌ من الأنصار فتكلموا ، وكان أول من تكلم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري ، وكان خطيب الأنصار ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ، لئن كانوا تقدموك في الولاية ، فما تقدموك في الدِّين ! ولئن كانوا سبقوك أمسِ فقد لحقتهم اليوم ، ولقد كانوا وكنتَ ، ولا يخفى موضعُكَ ، ولا يُجهل مكانك ، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون ، وما احتجتَ إلى أحدٍ مع علمك .
ثم قام خزيمة بن ثابت الأنصاري ، وهو ذو الشهادتين ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ ما أصبنا لأمرنا هذا غيركَ ، ولا كان المنقلبَ إلا إليك ، ولئن صدقنا أنفسنا منك فلأنتَ أقدم الناس إيماناً ، وأعلم الناس بالله ، وأولى المؤمنين برسول الله ، لكَ ما لهم ، وليس لهم ما لكَ .
وقام صعْصَعَة بن صوحان فقال : والله يا أمير المؤمنين ، لقد زيّنت الخلافة وما زانتكَ ، ورفعتها وما رفعتكَ ، ولهي إليك أحوجُ منك إليها .
ثم قام مالك الأشتر فقال : أيها الناس ، هذا وصيُّ الأوصياء ، ووارثُ علم الأنبياء ، العظيمُ البلاء ، الحسنُ الغناء ، الذي شهد له كتاب الله بالإِيمان ، ورسوله بجنة الرضوان ، من كملت فيه الفضائل ، ولم يشكَّ في سابقته وعلمه وفضله الأواخرُ ولا الأوائل .
ثم قام عقبة بن عمرو فقال : من له يومٌ كيوم العقَبةَ ، وبيعةٌ كبيعة الرضوان ، والإِمام الأهدى الذي لا يخاف جوره ، والعالم الذي لا يخاف جهله (١) .
قال اليعقوبي : وبايع الناس إلا ثلاثة نفر من قريش ، هم : مروان بن الحكم وسعيدُ بن العاص ، والوليد به عقبة ، وكان لسانَ القوم ، فقال : يا
__________________
(١) اليعقوبي ٢ / ١٧٨ ـ ١٨٠ .