صلاة العصر ، فلما انصرف من الصلاة ، رفع يديه بالدعاء وقال : « سبحانَ ذي الطَوْلِ والنِعَمْ ، سبحان ذي القدرة والإِفضال ، أسأل الله الرضا بقضائه ، والعمل بطاعته ، والإِنابة إلى أمره ؛ فإنه سميع الدعاء » .
ثم سار حتى نزل على شاطىء نرس ، وهو نهر حفره نرس بن بهرام بنواحي الكوفة ، فصلى هناك صلاة المغرب ، فلما انصرف قال : الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، والحمد لله كلما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق » .
ثم أقام حتى صلى الغداة ، ثم شخص حتى بلغ قُبّة قُبِّين ـ مكان ـ وفيها نخل طوال إلى جانب البِيعة من وراء النهر ، فلما رآها قال : « والنخلَ باسقاتٍ لها طلْعٌ نضيد » . ثم أقحم دابته النهر فعبر إلى تلك البيعة فنزلها فمكث بها قدر الغداة .
ثم تابع سيره فوصل إلى أرض بابل ، فجعل ( ع ) يخفُّ في سيره ويقول : إن ببابل أرضاً قد خسف بها فلعلنا نصلي العصر خارجاً منها ، فحرّك دابته وحرك الناس دوابهم في أثره ، حتى أتوا على مكان وقد كادت الشمس أن تغيب ، فنزل علي ( ع ) فدعا الله ، فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر ، فصلى بالناس العصر ثم غابت الشمس (١) .
قول علي في كربلاء
عن هرثمة بن سليم قال : غزونا مع علي بن طالب غزوة صفين ، فلما نزلنا بكربلاء صلى بنا صلاةً ، فلما سلّم رُفع إليه من تربتها فشمها ثم قال : واهاً لك أيتها التربة ليُحشَرُّنَّ منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب .
وعن سعيد بن وهب قال : بعثني مخنف بن سُليْم إلى علي ، فأتيته بكربلاء ، فوجدته يشير بيده ويقول : ههنا ههنا ! فقال رجل : وما ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ثقل لآل محمدٍ ينزل ها هنا ، فويلٌ لهم منكم ، وويلٌ لكم
__________________
(١) صفين ص ١٣٦ .