منهم . فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين ؟ قال : ويلٌ لهم منكم : تقتلونهم ، وويلٌ لكم منهم : يُدخلكم الله بقتلهم إلى النار .
وعن الحسن بن كثير عن أبيه : أن علياً أتى كربلاء فوقف بها ، فقيل يا أمير المؤمنين هذه كربلاء . قال : ذات كربٍ وبلاء . ثم أومأ بيده إلى مكان فقال : ها هنا موضع رحالهم ، ومناخ ركابهم ، وأومأ بيده إلى موضع آخر فقال : ها هنا مهراق دمائهم (١) .
قوله حين مر بآثار كسرى
ثم مضى ( ع ) إلى مدينة بُهرُسِير ، وإذا برجل من أصحابه يقال له حرّ بن سهم ، ينظر إلى آثار كسرى وهو يتمثل قول ابن يعفر التميمي :
جرتِ الرياحُ على مكانِ ديارِهمْ |
|
فكأنما كانوا على ميعادِ |
فقال علي ( ع ) : « كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ . كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ » (٢) . إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين ، إن هؤلاء لم يشكروا النعمة فسُلِبوا دنياهم بالمعصية . إياكم وكُفرُ النِعَمْ لا تحلَّ بكم النقَمْ ، ثم قال : أنزلوا بهذه النجوة (٣) .
وصوله إلى المدائن ثم الأنبار
لما وصل ( ع ) المدائن ، أمر الحارث الأعور فصاح في أهلها : من كان من المقاتلة فليواف أمير المؤمنين صلاة العصر ، فوافوه في تلك الساعة ، ولحق به فيما بعد ألف ومائتا مقاتل .
__________________
(١) صفين ١٤٠ ـ ١٤٢ .
(٢) سورة .
(٣) النجوة : المكان المرتفع .