فلم يظهر محمد وإبراهيم ، فسأل أباهما عبد الله عنهما ، فقال : لا علم لي بهما ، فتغالظا ، فأمصّه ـ شتمه ـ أبو جعفر المنصور حتى قال له : أمصص كذا كذا من أمك ! فقال : يا أبا جعفر ؟ بأي أمهاتي تمصني ؟ أبفاطمة بنت رسول الله ( ص ) أم بفاطمة بنت الحسين بن علي ؟ أم بأم إسحاق بنت طلحة ؟ أم بخديجة بنت خويلد ؟ قال : لا بواحدة منهن ، ولكن بالحرباء بنت قسامة بن زهير ! وهي إمرأة من طيء . فقال المسيب بن زهير : يا أمير المؤمنين ، دعني أضرب عنق ابن الفاعلة ! فقام زياد بن عبيد الله ، فألقى عليه رداءه ، وقال : هبه لي يا أمير المؤمنين ، فأستخرج لك ابنيه . فخلصه منه ( الكامل ٥ / ١٨٥ ) وكان عبد الله هذا قد مات في محبسه في الهاشمية أيام المنصور .
وأراد أبو جعفر أن يزيد في المسجد الحرام ـ بعد أن شكا الناس ضيقه ـ فكتب إلى زياد بن عبيد الله الحارثي أن يشتري المنازل التي تلي المسجد حتى يزيد فيه ضعفه ، فامتنع الناس من البيع ، فذكر ذلك لجعفر بن محمد الصادق ( ع ) ، فقال : سلهم ! أهم نزلوا على البيت ؟ أم البيت نزل عليهم ؟ فكتب بذلك إلى زياد ، فقال لهم زياد بن عبيد الله ذلك ، فقالوا : نزلنا على البيت . فقال جعفر بن محمد : فإن للبيت فناءه . فكتب أبو جعفر إلى زياد بهدم المنازل التي تليه . فهدمت المنازل وأدخلت عامة دار الندوة حتى زاد فيه ضعفه . راجع اليعقوبي ٢ / ٣٦٩ .
ويقال ، أن زياداً هذا ، كان فيه بخلٌ وجفاء .
ومن طريف ما يروى في ذلك : أن بعض كتابه أهدى له سلالاً فيها طعام ، وكانت مغطاة ، فوافقته وقد تغدى ، فغضب وقال : يبعث أحدهم الشيء في غير وقته ، ثم قال لصاحب شرطته ـ خيثم بن مالك ـ أدع لي أهل الصُفّة ـ أضياف مسجد الرسول من المساكين ـ يأكلون هذا .
فقال الرسول الذي جاء بالسلال : أصلح الله الأمير ، لو أمرت بهذه السلال تفتح ، وينظر ما فيها ؟