بهذا المفتتح الرائع كانت بداية الرسالة الإِسلامية لأهل هذا العالم كافة ، ففي غار حراء كان النبي محمد ( ص ) يخلو بنفسه هناك غارقاً في سبحات التأمل والتفكر ، متخشعاً لربه ، بعيداً عن حماقات الوثنية التي كانت تملأ مكة وتكتنف شبه الجزيرة العربية ، كان ( ص ) هو والحق على موعد ، ففي تلك اللحظات التأريخية فجأه الوحي بأول كلمات الرسالة :
كلمات على إختصارها تشتمل على معانٍ غاية في الدقة ، فيها حثٌّ للإِنسان على فهم العوالم التي حوله ، ومن ثمَّ على فهم ذاته بواسطة العلم الذي هو موهبة من الله سبحانه الذي علم الإِنسان ما لم يعلم .
إن هذا المفتتح الكريم هو أول وثيقةٍ دينية تسجل إنتصار العلم في هذا العالم مما يؤكد أن الإِسلام والعلم يرشحان من منهلٍ واحد ، وكل منهما يدعم صاحبه .
كان ذلك يوم الإِثنين ـ على الأشهر ـ (١) وله ( ص ) من العمر أربعون
__________________
(١) أكثر المفسرين على أن هذه السورة هي أول ما نزل من القرآن ، وأن يوم الإثنين هو أول يوم نزل فيه جبرئيل على رسول الله ( ص ) وهو قائم على حراء ، علمه خمس آيات من هذه السورة . البحار : ١٨ ـ ١٧٤ .