فقام علي ( ع ) ، فبايعه وأجابه ، فقال ( ص ) : ادن مني ، فدنا منه ففتح فاه ومجّ في فيه من ريقه ، وتفل بين كتفيه وثدييه . فقال أبو لهب : فبئس ما حبوت به ابن عمك أن أجابك ، فملأت فاه ووجهه بزاقاً !!
فقال النبي ( ص ) : ملأته حكمةً وعلماً (١) .
ثم يلتفت أبو لهب إلى الحاضرين من بني هاشم ويقول : خذوا على يدي صاحبكم ـ أي إمنعوه ـ قبل أن يأخذ على يده غيركم ، فإن منعتموه قتلتم ، وان تركتموه ذللتم . فقال أبو طالب : يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننَّه . . ثم التفت إلى النبي وقال : يا بن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فاعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح (٢) ثم نزلت الآية الكريمة ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) * (٣) . فوقف ( ص ) على الصفا ونادى : وا صباحاه . فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ قال : أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟؟ قالوا : بلىٰ . قال : فاني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد . فقال أبو لهب : تباً لك ! ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟ فأنزل الله عزَّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . . . ) السورة . . .
وأقام رسول الله ( ص ) ذات يوم بالأبطح (٤) فقال : إني رسول الله أدعوكم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ولا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت . فاستهزأوا به وآذوه .
وذات يوم قام بسوق عكاظ ، وعليه جبة حمراء ، فقال : يا أيها الناس ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتنجحوا ! وإذا رجل يتبعه ، له غديرتان
__________________
(١) مجمع البيان : ٧ ـ ٢٠٦ .
(٢) اليعقوبي : ٢ / ٢٨ .
(٣) ـ الطبري : ٢ / ٣٢٥ .
(٤) اليعقوبي : ٢ / ص ٢٤ ـ ٢٦ .
(*) الحجر ـ ٩٤ .