لا ، لأن علياً لا يرده عن هدى ولا يدله على ردى !! سيما إذا كان الأمر يتعلق بمصيره الديني الذي ضحى حياته من أجله .
أما علي ( ع ) فكان موقفه غايةً في الوضوح ، وقد أجمله للذين طالبوه بالبيعة ، حيث قال لهم :
أنا عبد الله وأخو رسوله .
فقيل له : بايع أبا بكر .
فقال : أنا أولى بهذا الأمر منكم لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ( ص ) وتأخذونه منا أهل البيت غصباً ! ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكان محمد منكم ، فاعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار .
نحن أولى برسول الله حياً وميتاً ، فانصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون . . إلخ . . (١) .
ولم يفت عماراً أن يدلي برأيه صراحةً بعدما لمس موقف علي وشاهده عن كثب ، فقام في المسجد وقال :
يا معشر قريش ويا معشر المسلمين ، إن كنتم علمتم ، وإلا فاعلموا أن أهل بيت نبيكم أولى به وأحق بإرثه وأقوم بأمور الدين ، وأأمن على المؤمنين ، وأحفظ لملته وأنصح لأمته ، فمروا صاحبكم فليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم . ويضعف أمركم ، ويظهر شتاتكم ، وتعظم الفتنة بكم ، وتختلفون فيما بينكم ، ويطمع فيكم عدوكم ، فقد علمتم أن بني
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٨ تتمة النص : فقال له عمر : إنك لست متروكاً حتى تبايع ؛ فقال له علي ( ع ) : احلب حلباً لك شطره ، وأشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ! فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك . وكان بنو هاشم قد اجتمعوا علىٰ عليّ في هذا الأمر .