هاشم أولى بهذا الأمر منكم ، وعلي ( ع ) أقرب إلى نبيكم وهو من بينهم وليكم بعهد الله ورسوله وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عند سدّ النبي ( ص ) أبوابكم التي كانت في المسجد كلها غير بابه ، وإيثاره إياه بكريمته فاطمة دون سائر من خطبها إليه منكم وقوله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، ومن أراد الحكمة فليأتها من بابها ، وأنه مرجعكم جميعاً فيما أشكل عليكم من أمور دينكم إليه ، وهو مستغن عن كل أحدٍ منكم إلى ماله من السوابق التي ليست لأفضلكم ، فما لكم تحيدون عنه ، وتبتزون علياً حقه ، وتؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة . . . أعطوه ما جعله له الله ولا تولوا عنه مدبرين ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ! (١) .
وقد جهد عمّار بعد ذلك في ثلة من الصحابة أن يرجعوا الأمر شورى بين المسلمين ولكنهم لم يفلحوا في ذلك .
قال البراء بن عازب : ورأيت في الليل المقداد وسلمان وأبا ذر وعبادة بن الصامت وأبا الهيثم بن التيهان ، وحذيفة ، وعمّاراً ، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين (٢) .
بيد أن هذا الإختلاف الذي أوجد عاصفة سياسية هوجاء سرعان ما زال حين أدرك المخلصون من أصحاب محمد ( ص ) خطورة الموقف وأبعاده فرجعوا متوادين متعاضدين تجمعهم وحدة الهدف ووحدة المصير فواصلوا سيرهم في إكمال مسيرتهم الجهادية ، وكان عماراً في الطليعة حين استصرخهم الواجب في الدفاع عن المسلمين فاشترك في حروب الردة ، لا سيما في حرب اليمامة التي انتهت بنصر المسلمين والقضاء على المرتدين .
لقد سجل المسلمون أعلى الإنتصارات العسكرية في ميادين الجهاد بشكل سريع ومدهش ، وذلك في برهةٍ وجيزة أعقبت الحصار والمطاردة
__________________
(١) الإحتجاج ١ / ١٠٢ .
(٢) شرح النهج ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ .