تجمعهم وحدة الهدف ووحدة المصير في ظل الإسلام والإيمان .
وحين ولي الخلافة أبو بكر حانت الفرصة لكثيرٍ ممن أسلموا رغبةً أو رهبة أن يستخدموا أسلوب « أثارة العصبيات » لإلقاح الفتنة بين المسلمين وإيقاع السيف فيما بينهم وتفكيكهم وتشتيت كلمتهم لتتسنى لهم العودة إلى أمجاد الماضي .
ولقد كان لإثارة العصبيات دور كبير في حركات الردّة ، ونذكر هنا على سبيل المثال ما قاله طلحة النمري لمسيلمة الكذاب ـ وهو من أنصاره ـ قال :
« أشهد أنك الكاذب ، وأن محمداً صادق ! ولكن كذّاب ربيعه أحب إلينا من صادق مضر !! » (١) .
ولم يفت أبا سفيان أن يستعمل هذا الأسلوب إبان خلافة أبي بكر ، فقد أقبل إلى علي ، وهو يقول : « إني لأرى عجاجة » لا يطفئها إلا الدم ! يا آل عبد مناف ؛ فيم يلي أبو بكرٍ من أموركم ؟ أين المستضعفان ؟ أين الأذلان علي والعباس ؟ ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش ؟!
ثم قال لعلي : أبسط يدك لأبايعك ، فوالله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجلاً ، فأبى علي ( ع ) . فتمثل أبو سفيان بشعر المتلمس :
ولن يقيم على خسفٍ يراد به |
|
إلا الأذلان عير الحي والوتد |
هذا على الخسف معكوس برمته |
|
وذا يشج فلا يبكي له أحد |
فزجره علي ( ع ) وقال : والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة ، وإنك والله طلما بغيت للإسلام شرّاً ، لا حاجة لنا في نصيحتك (٢) .
ولقد كان هذا الرد طبيعياً من أخي النبي ( ص ) ووصيه ووزيره (٣) رغم
__________________
(١) الكامل ٢ / ٣٦٢ .
(٢) الكامل ٢ / ٣٦٢ والطبري ٣ ـ ٢٠٩ وشرح النهج ١ / ٤٧ .
(٣) للتفصيل راجع الكامل ٢ / ٦٣ حين نزلت الآية ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) .