عنصرية ـ لا ترتبط بأي مبدأٍ أخلاقي ولا تخضع لأي منطق عقلي ، بل الحكم فيها يرجع للعاطفة وحدها ، لأنها بمفهومها الضيق : ثورة عاطفية تنتاب الفرد أزاء قرابته أو بني قومه ولو على الباطل ، وربما يكون دافعها الأول : الشعور بوحدة المصير .
ولقد دعا الإسلام إلى قلب هذه العقلية التي يتسم بها المجمتمع الإِنساني بشكل عام ، وتوجيهها بطريقةٍ معاكسة نحو الإيمان ، فالإيمان هو أداة الربط بين المؤمنين ، وهو القضية الكبرى التي يدافعون عنها لأنهم يرون فيه سعادتهم ، الإيمان بالله وبرسله وكتبه واليوم الآخر .
قال الله تعالى : ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) (١) .
وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) (٢) .
إن الإيمان بالله وباليوم الآخر يولد في نفس المؤمن الخوف من عقاب الله والطمع في ثوابه ، وهاتان الخصلتان يشكلان حاجزاً رادعاً يكمن في صميم النفس الإنسانية ، وسدّاً منيعاً أمام نزواتها ونزعاتها الشريرة ، كما يوجدان دافعاً لها على فعل الخير ، والتحلي بالخلق الفاضل الكريم ومعاشرة الناس بالحسنى !
فالمؤمن لا يقتل بغياً ، ولا يسرق ، ولا يزني ، ولا يخيف السُبُل ، ولا يذكر أخاه بسوء فضلاً عن أن يؤذيه ، ويكف يده ولسانه عن الناس ويساعد من يطلب المساعدة ، ويحترم الكبير ويحنو على الصغير ، ويبادر إلى فعل الخيرات ، وكفىٰ بالإِيمان شرفاً يزين المؤمنين .
ولقد كان المسلمون كما أرادهم الله ، يداً واحدة وقلباً واحداً ،
__________________
(١) المجادلة : ٢٢ .
(٢) الحجرات : ١٣ .