قال : فجعلوا ينتهون الى الخطّ فلا يجوزونه. قال : ثمّ يصدرون الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى إذا كان في آخر الليل جاء رسول الله وأنا في خطّي فقال : لقد آذاني هؤلاء هذه الليلة. ثمّ دخل عليّ في خطّي فتوسّد فخذي ثمّ رقد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا نام ينفخ في النوم نفخا.
قال : فبينا أنا كذلك إذا برجال عليهم ثياب بيض ، الله أعلم ما بهم من الجمال ، فقعد طائفة منهم عند رأسه ، وقعد طائفة منهم عند رجليه ، فقالوا بينهم : ما رأينا عبدا اوتي ما اوتي هذا ، إنّ عينيه لتناما وقلبه يقظان ، اضربوا له مثلا سيّدا بنى قصرا ثمّ جعل مأدبة فدعا الناس الى طعامه وشرابه ، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ، ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذّبه.
قال : ثمّ ارتفعوا. فاستيقظ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ذلك ، فقال : أمّا انّي قد سمعت ما قالوا فهل تدري من هم؟
قلت : الله ورسول أعلم.
قال : إنّهم الملائكة ، وقال : تدري المثل الذي ضربوه ، هو الرحمن عزّ وجلّ بنى الجنّة فدعا إليها عباده ، فمن أجابه دخل جنّته ، ومن لم يجبه عذّبه أو قال عاقبه.
وقيل : مرّ أعرابي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له : أين تريد؟
قال : أهلي.
فقال له : هل لك في خير الدنيا والآخرة؟
قال : وما هو؟
قال : تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله. قال الأعرابي : من الشاهد على ما تقول؟
قال : هذه ، يعني السدرة. فدعاها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي شطبا (١) لوادي ، فجاءت تخدّ الأرض حتّى قامت بين يديه ، فاستشهدها ثلاثا ، فشهدت له كما قال ، ثمّ أمرها فرجعت الى منبتها.
__________________
(١) الشطب : الأخضر الرطب من جريد النخل.