أبو البختري العاص بن هشام الأسدي ومطعم بن عديّ النوفلي وزهير بن أبي اميّة المخزومي ـ وهو ابن عمّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وزمعة بن الأسود الأسدي وهشام بن عمرو العامري ، وقالوا : أخرقها الله ، وعزموا أن يقطعوا يمين كاتبها وهو منصور بن عكرمة بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار فوجدوها شلاّء ، فقالوا : قطعها الله ، فأخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الدعوة. وفي ذلك يقول أبو طالب :
ألا هل أتى نجد بنا صنع ربّنا |
|
على نأيهم والله بالناس أرود |
فيخبرهم أنّ الصحيفة مزّقت |
|
وأن كلّ ما لم يرضه الله يفسد |
يراوحها إفك وسحر مجمع |
|
ولم تلق سحرا آخر الدهر يصعد (١) |
وقال يمدح هؤلاء الخمسة :
سقى الله رهطا هم بالحجون |
|
بليل وقد هجع النوّم |
قضوا ما قضوا في دجى ليلهم |
|
ومستوسن (٢) القوم لا يعلم |
بها ليل صيد لهم سورة |
|
تداوى بها الأبلخ (٣) المجرم |
شبيه المقاول عند الحجون |
|
بل هم أعزّ وهم أكرم |
وكان أبو طالب رضياللهعنه قد كفل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وربّاه وحامى عنه وناضل كافّة قريش ، ومات وهو مسلم ، وفيما ذكرنا من أخباره دليل على صحّة ذلك ، ونحن ذاكرون أيضا من أخباره وأشعاره ما يدلّ على إسلامه.
قيل : كانت السباع تهرب من أبي طالب رضياللهعنه ، فاستقبله أسد في طريق الطائف وتضعضع له وتمرّغ قبله ، فقال أبو طالب : بحقّ خالقك أن تبيّن لي حالك؟
فقال الأسد : إنّما أنت أبو أسد الله ، ناصر نبيّ الله ومربّيه. فازداد أبو طالب في حب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإيمان به (٤).
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٦٥ ـ ٦٦.
(٢) مستوسن : من الوسن وهو ثقلة النوم ( لسان العرب ١٣ / ٤٤٩ ).
(٣) الأبلخ : من البلخ وهو التكبّر ( لسان العرب ١٣ / ٩ ).
(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٧.