قال القاسم ، عن أبي سعيد ، قال : أتت فاطمة عليهاالسلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكرت عنده ضعف الحال. فقال لها : ما تدرين ما منزلة عليّ عندي؟! كفاني وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وضرب بين يديّ بالسيف وهو ابن ستّ عشرة سنة ، وقتل الأبطال وهو ابن سبع عشرة سنة ، وفرّج الهموم عنّي وهو ابن عشرين سنة ، ورفع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة ، وكان لا يرفعه خمسون رجلا.
قال : فأشرق لون فاطمة عليهاالسلام ولم تقرّ قدماها حتى أتت عليّا عليهالسلام فأخبرته.
فقال لها : كيف لو حدّثك بفضل الله كلّه عليّ (١).
حدّث محمّد بن جرير الطبري ، قال : حدّثنا أحمد بن رشيد ، قال : حدّثنا أبي ، عن معمر ، عن سعيد بن خيثم ، قال : حدّثني سعيد ، عن الحسن البصري أنّه بلغه أنّ زاعما يزعم أنّه ينتقص عليّا عليهالسلام ، فقام في أصحابه يوما فقال : لقد هممت أن أغلق بابي ثمّ لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي ، بلغني أنّ زاعما منكم يزعم أنّني انتقص خير الناس بعد نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنيسه وجليسه والمفرّج الكرب عند الزلازل ، والقاتل الأقران يوم النزال ، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقّره ، وأخذ العلم فوفّره ، وحاز ربّه (٢) ، ونصح لنبيّه وابن عمّه وأخيه ، آخاه دون أصحابه ، وجعل عنده سرّه ، وجاهد عنه صغيرا ، وقاتل معه كبيرا ، يقتل الأقران ، وينازل الفرسان دون دين الله حتى وضعت الحرب أوزارها ، متمسّكا بعهد نبيّه ، مضى صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عنه راض ، أعلم المسلمين علما وأفهمهم فهما ، وأقدمهم في الإسلام ، لا نظير له في مناقبه ، ولا شبيه له في ضرائبه ، فطلّق نفسه عن الشهوات ، وعمل لله في الغفلات ، وأسبغ الطهور في السبرات ، وخشع لله في الصلوات ، وقطع نفسه عن اللذّات ، مشمّرا عن ساق ، طيّب الأخلاق ، كريم الأعراق ، واتّبع سنن نبيّه ، واقتفى آثار وليّه ، فكيف أقول فيه ما يوبقني ، وما أحد أعلمه يجد فيه مقالا ، فكفّوا عنّا الأذى ، وتجنّبوا طرق الردى.
حدّث محمّد بن زياد ، عن مغيرة ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ٤.
(٢) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : وخاف ربّه.