وكان جملة من قتل من أصحاب عليّ عليهالسلام تسعة ، ولم يفلت من الخوارج إلاّ عشرة.
وأمر عليّ عليهالسلام بطلب المخدج ، فطلبوه فلم يجدوا عليه. فقام عليّ عليهالسلام فانتهى الى قتلى بعضهم على بعض فقال : اخرجوا ، فاخرجوا يمينا وشمالا فاستخرجوه من تحتهم ، فقال عليّ عليهالسلام : والله ما كذّبت على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه لناقص اليد ليس فيها عظم ، طرفها حلمة مثل ثدي المرأة ، عليها خمس شعرات أو سبع رءوسها معقفة. ثمّ قال : ائتوني به ، فأتوه به ، فنظر الى عضده فإذا لحمة مجتمع على كتفيه مثل ثدي المرأة عليها شعرات سود إذا مدّت امتدّت حتى تحاذي بطن يده الاخرى ثمّ تترك فتعود الى منكبه. فثنى صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) رحله ونزل ، فخرّ ساجدا ، ثمّ ركب ومرّ بهم وهم صرعى فقال : لقد صرعكم من غرّكم. قالوا : يا أمير المؤمنين من غرّهم؟ فقال : الشيطان وأنفس السوء. فقيل : قد قطع الله دابرهم الى آخر الدهر. فقال : كلاّ والذي نفس عليّ بيده انّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء لا تخرج خارجة إلاّ خرج بعدها مثلها حتى يخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط. يخرج إليه رجل منّا أهل البيت فيقتلهم ، فلا تخرج بعدها خارجة الى يوم القيامة.
وجمع عليهالسلام ما كان في عسكر الخوارج ، فقسّم السلاح والدواب بين المسلمين ، وردّ المتاع والعبيد والإماء على أهلها. وخطب الناس فقال : إنّ الله قد أحسن إليكم وأعزّ نصركم فتوجّهوا من فوركم هذا الى عدوّكم. فقالوا : يا أمير المؤمنين قد كلّت سيوفنا ، ونفذت نبالنا ، ونصلت أسنّة رماحنا ، فدعنا نستعدّ عدّتنا. وكان الذي كلّمه بهذا الأشعث بن قيس.
فعسكر عليّ عليهالسلام بالنخيلة ، فجعل أصحابه يتسلّلون ويلحقون بأوطانهم ، فلم يبق منهم إلاّ نفر يسير. ومضى الحارث بن راشد التاجي في ثلاثمائة من الناس
__________________
(١) كذا في الأصل.