واعلم أنّ الحسين وليّ الدم معك ، تجري فيه مجراك ، وقد جعل الله تبارك وتعالى له على قاتلي سلطانا كما جعل لك ، وأنّ ابن ملجم ضربني ضربة فلم تعمل فثنّاها فعملت ، فإن عملت فيه ضربتك فذاك ، وإن لم تعمل فمر أخاك الحسين فليضربه اخرى بحقّ ولايته فإنّها ستعمل فيه ، فإنّ الإمامة له بعدك ، وجارية في ولده إلى يوم القيامة ، وإيّاك أن تقتل فيّ غير قاتلي فإنّ الله عزّ وجلّ يقول : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) (١).
واعلم أنّ معاوية سيخالفك كما خالفني ، فإن وادعته وصالحته كنت مقتديا بجدّك صلىاللهعليهوآلهوسلم في موادعته بني ضمرة وبني أشجع وفي مصالحته أهل مكّة يوم الحديبية وكانت لك بي اسوة في الصبر خمس وعشرين سنة ، فإن أردت مجاهدة عدوّك فلن يصلح لك من شيعتك من لم يصلح لأبيك فإنّهم قوم لا وفاء لهم ، يوردونك ثمّ لا يصدرونك ، ويخذلونك ثمّ لا ينصرونك ، ويعاهدونك ثمّ لا يفون لك ، وسيقتلك معاوية بالسمّ ظلما وعدوانا وذلك سابق في علم ربّك تقدّس ذكره ، فاحقن دماء شيعتك بموادعته ، وابتغ لهم السلامة بمصالحته.
ثمّ قال للحسين عليهالسلام : وأنت يا حسين ستخرج لمجاهدة ابنه يزيد فيقتلك من قومه أبرص ملعون لا يراقب فيك إلاّ ولا ذمّة ، وسيقتل معك سبعة عشر من أهل بيتك تحت أديم السماء مالهم شبيهون ، وكأنّي بك تستسقي الماء فلا تسقى ، وتنادي فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، وكأنّي بأهل بيتك قد سبوا وبثقلك قد نهب ، وكأنّي بالسماء قد أمطرت لقتلك دما ورمادا ، وكأنّي بالجنّ قد ناحت عليك ، وكأنّي بموضع تربتك قد صار مختلف زوّارك من الملائكة والمؤمنين. ثمّ قطع كلامه.
وصيّة اخرى :
حدّث عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام وعمّن رواه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عبد الله رضياللهعنه عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : هذه وصيّة عليّ
__________________
(١) الأنعام : ١٦٤.