قال : من غسّله وكفّنه؟
قال : فلان.
قال : فيم كفّنتموه؟
قال : بكذا.
قال : فمن صلّى عليه؟
قال : فلان.
قال : فمن أدخله القبر؟
قال : فلان. وعبيد الله بن أبي رافع يكتب.
فلمّا انتهى إلى دفنه كبّر أمير المؤمنين عليهالسلام تكبيرة وسمعها أهل المسجد. ثمّ أمر بالرجل فردّ إلى مكانه. ودعا آخر من القوم فأجلسه بالقرب منه ، ثمّ سأله عمّا سأله الأول عنه ، فأجاب بما خالف الأول بالكلام كلّه ، وعبيد الله بن أبي رافع يكتب. فلمّا فرغ من سؤاله كبّر تكبيرة سمعها أهل المسجد. ثمّ أمر بالرجلين جميعا أن يخرجا عن المسجد نحو السجن فيوقف بهما على بابه. ثمّ دعا بالثالث فسأله عمّا سأل الرجلين ، فحكى خلاف ما قالا ، وكتب ذلك عنه ، ثمّ كبّر وأمر بإخراجه نحو صاحبيه. ودعا برابع من القوم فاضطرب قوله وتلجلج ، فوعظه وخوّفه فاعترف أنّه وأصحابه قتلوا الرجل وأخذوا ماله وأنّهم دفنوه في موضع كذا بالقرب من الكوفة ، فكبّر أمير المؤمنين عليهالسلام وأمر به إلى السجن.
واستدعى واحدا من القوم فقال له : زعمت أنّ الرجل مات حتف أنفه وقد قتلته : أصدقني عن حالك وإلاّ نكّلت بك فقد وضح لي الحقّ في قضيّتكم. فاعترف الرجل بما اعترف به صاحبه. ثمّ دعا الباقين فاعترفوا عنده بالقتل وسقطوا في أيديهم واتّفقت كلمتهم على قتل الرجل وأخذ ماله. فأمر من مضى مع بعضهم إلى موضع المال الذي دفنوه فاستخرجه منه وسلّمه إلى الغلام ابن الرجل المقتول.
ثمّ قال له : ما الذي تريد قد عرفت ما صنع القوم بأبيك؟ قال : أريد أن يكون القضاء بيني وبينهم بين يدي الله عزّ وجلّ ، وقد عفوت عن دمائهم في الدنيا. فدرأ أمير المؤمنين عليهالسلام عنهم حدّ القتل وأنهكهم عقوبة.