أمّ سلمة : أنا أمّ سلمة وهذه زينب وهذه فلانة وهذه فلانة. فقال رسول الله : هيئوا لابنتي وابن عمّي في حجرتي بيتا. فقالت أمّ سلمة : في أي حجرة يا رسول الله؟
قال : في حجرتك. وأمر نساءه أن يزيّن فاطمة ويصلحن من شأنها.
قالت أمّ سلمة : فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرته لنفسك؟ قالت : نعم. فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قطّ. فقلت : ما هذا؟ قالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقول لي : يا فاطمة هاتي الوسادة فأطر حيها لعمّك ، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها ، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه ، فسأل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك ، فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرائيل.
قال عليّ : ثمّ قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عليّ اصنع لأهلك طعاما فاضلا ، ثمّ قال : من عندنا اللحم والخبز وعليك التمر والسمن. فاشتريت تمرا وسمنا فحسر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (١) ، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبز كثير.
ثمّ قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ادع من أحببت. فأتيت المسجد وهو مشحون بالصحابة ، فأحييت أن أشخص قوما وأدع قوما ثمّ صعدت على ربوة وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة فأقبل الناس إرسالا فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام ، فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما تداخلني ، فقال لي : يا عليّ إنّي سأدعو الله بالبركة.
قال عليّ : فأكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا من شرابي ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ولم ينقص من الطعام شيء.
ثمّ دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصحاف (٢) فملئت ووجّه بها الى منازل أزواجه ، ثمّ أخذ صحيفة وجعل فيها طعاما وقال : هذا لفاطمة وبعلها. فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعثرت ، فقال
__________________
(١) الخبيص : الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(٢) الصحاف : جمع صحفة ، القصعة الكبيرة.