قال : ثمّ وثب عبد الله بن سامع الهمداني فقال : ثكلتني امّي وعدمتني إن أنا فارقتك أو انصرفت عنك الى أحد من الناس هو خير منك أو شبيه بك ، والله ما نعلم مكان أحد أصلح منك في وقتنا هذا ، ولكن نصبر معك فإن نمت فسعداء وإن نقتل فشهداء ، والله لئن اقتل معك على بصيرة محتسبا لنفسي أحبّ إليّ من أن اوتي أجر عشرين شهيدا مع غيرك.
قال : ثمّ وثب محمّد بن يسير الشاكري فقال : يا بن خير الأخيار وابن أبرّ الأبرار ما خلى النبيين والمرسلين ، والله لئن آكل العظام المحرقة والجلود البالية والميتة والدم على حال الضرورة أحبّ إليّ من أن أبقى مع القوم الظالمين ، لأنّه قد ابتلى الصالحين من قبلنا فكانت تقطع أيديهم وأرجلهم وتسمل أعينهم ويصلبون على جذوع النخل أحيانا ، كما فعل ابن سميّة زياد ابن أبيه وابن مرجانة عبيد الله بن زياد الفاجر الفاسق اللعين بشيعتكم فكانوا يقتلون صبرا كما قتل حجر بن عدي وأصحابه ، مثل ذلك كانوا يقتلون وعلى ذلك كانوا يصبرون.
قال : فقال محمّد بن الحنفية رضياللهعنه : جزاكم الله من صحابة خير جزاء الصالحين الصابرين.
قال : وجدّ عبد الله بن الزبير بعداوة محمّد بن الحنفية كلّ ذلك ليبايع ، وهو يأبى عليه.
قال : وبلغ الخبر عبد الملك بن مروان فكتب الى محمّد بن الحنفية : أمّا بعد فقد بلغني ما به ابن الزبير ممّا ليس له بأهل وأنا عن قليل سائر إليه إن شاء الله ، ولا قوّة إلاّ بالله العظيم ، فانظر إذا قرأت كتابي هذا فسر الى ما قبلي ، أنت ومن معك من شيعتك ، وانزل من حيث أحببت من أرض الشام آمنا مطمئنا إلى أن يستقيم أمر الناس فتختار أيّ الخصال أحببت والسلام.
قال : فعندها عزم محمّد بن الحنفيّة على المسير الى الشام.
وكتب عبد الله بن عبّاس الى عبد الملك بن مروان : أمّا بعد فإنّه قد توجّه الى بلادك رجل منّا لا يبدأ بالسوء ولا يكافئ على الظلم ، لا بعجول ولا بجهول ، سميع