وعنصر مضر (١) وجعلنا حضنة بيته المتكفلين بشأنه ، وسوَّاس حرمه ، القائمين بخدمته. وجعله لنا بيتاً محجوباً ، وحرماً آمناً ، وجعلنا أحكام أحكام الناس.
ثم ابن أخي هذا محمد بن عبد الله ، لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، وإن كان في المال قلّ فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة.
وهو والله بعد هذا ، له نبأ عظيم ، وخطر جليل ، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة ، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثني عشر اوقية ونشاً (٢).
وعند ذلك قال عمها عمرو بن أسد : ( هو الفحل لا يقدع أنفه ).
وبعد أن انتهى أبوطالب من خطبته (٣) تكلم ورقة بن نوفل. فقال :
« الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب
__________________
(١) العنصر ـ الاصل ـ يقال : إنه لكريم العنصر ـ أي ـ الحسب ـ والهمة ـ المنجد في اللغة.
(٢) قال المحب الطبري : النش عشرون درهماً ـ والاوقية أربعون درهماً ـ وكانت الاواني والنش من الذهب ، فيكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي ـ وقيل أصدقها عشرين بكرة.
(٣) إن البلاغة التي تجلت في خطبة أبي طالب وما ظهر فيها من عطف وحنان أبوي ، لهي أصدق برهان ودليل قاطع على تفانيه في حب الرسول (ص) ورعايته ونصرته في دعوته.
على أن أبا طالب لم يزل حتى توفي يدافع عن الرسول (ص) الدفاع المستميت ولم يدع أحداً يصل إليه بسوء طيلة حياته. وكما قيل في حقه وحق علي (ع) :
فهذا بمكة آوى
وحامى |
|
وذاك بيثرب خاض
الحماما |
وحينما أرادت قريش قتله (ص) جاءت الى أبي طالب وقالت له : أنت سيدنا ورأيت من أمر