ظل بيت رفيع ، بيت صاحبة الرسالة. ـ منذ تزوجها الرسول الأعظم (ص) ـ وتستقي من لدنه علماً وأدباً ، يعينها على ذلك ، ذكاء حاد ، وفطنة وقادة ، مما جعلها موئلاً ، وملجأ لطالبي الحديث عن الرسول الأعظم (ص).
فروى عنها كبار مشايخ المسلمين الكثير مما حفظته من زوجها النبي (ص) والكثير مما استفادته هي من تجارب الحياة كقولها : كما في بلاغات النساء.
« مكارم الأخلاق عشرة ـ صدق الحديث ـ وصدق البأس ـ وأداء الأمانة ـ وصلة الرحم ـ والمكافئة بالصنيع ـ وبذل المعروف ـ والتذمم للصاحب ـ وقرى الضيف ـ ورأسهن الحياء » (١).
كانت السيدة عائشة تتمتع بشباب ناضر ، وجمال فتان ، بالإضافة الى صفات لها الأثر الكبير في زرع الثقة في النفس لدى الانثى ، هذه الثقة التي جرأت أم المؤمنين أن تخوض غمار الحرب ، وتسحر بعض المسلمين بطلاوة حديثها ، وعذوبة ألفاظها ، فتأخذ بأعنة النفوس ، وتصنع ما يصنع الرجال العظام.
إن شخصيتها ، وقوة إدراكها ، وتعقلها للامور وسعة افقها ... كل هذه الخصائص هي التي جعلتها تتفوق على صواحبها ، وتتغلب على كل ما يحيطها من مشاكل ، وتذلل أمام أهدافها الصعاب.
لكن السيدة عائشة انهزمت عند الصراع مع هواها وعواطفها ، وفشلت في تجريد نفسها من الغرائز الانثوية وبقيت الانثى ... انثى تشعر بالغيرة من غيرها.
صحيح ان لها مكان الصدارة بين زوجات النبي اللواتي كن يتوافدن الواحدة تلو الأخرى ، بعد موت خديجة التي أكرمها الباري سبحانه فلم تتجرع مرارة الضرائر ، ولم تكتوي بنار الغيرة التي تشعل صدورهن.
__________________
(١) بلاغات النساء لابن طيفور ... هكذا وردت في الأصل.