واقبلت فاطمة فوقفت بين يدي أبيها عليه الصلاة والسلام فنظر اليها وقد ذهب الدم من وجهها ، وعليها صفرة من شدة التعب والجوع فقال الرسول (ص) : ادن مني يا فاطمة ، فدنت حتى قامت بين يديه ، ورفع يده الشريفة حتى وضعها موضع القلادة ، وفرج بين أصابعه ثم قال :
« اللهم مشبع الجماعة ـ رافع الضيق ، ارفع فاطمة بنت محمد. » (١)
وقالت عائشة : ما رأيت أحداً كان اشبه كلاماً وحديثاً برسول الله (ص) من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام اليها فقبلها ورحب بها ، كما كانت تصنع هي به (ص).
وسئلت عائشة (رض) : أي الناس كان أحب إلى رسول الله (ص) ؟ قالت : فاطمة ؛ قيل : ومن الرجال ؟ قالت : زوجها.
وقالت عائشة (رض) ما رأيت قط أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها (٢).
« ان الزهراء (ع) لا تنسى موقف أبيها الرسول ، وقد أخذ بكتفي الحسين وهو صغير وقدماه على قدميه (ص) يرقصه قائلاً : « ترق ... ترق » فما يزال الصبي الصغير حتى يضع قدميه على صدر جده الشريف ، فيقول له الرسول : افتح فاك ... فيفتحه ... فيقبله (ص) وهو يقول : « اللهم احبه فاني احبه ».
محمد الإنسان البطل بشراً ورسولاً » (٣).
__________________
(١) طبقات ابن سعد الكبرى.
(٢) السيرة الحلبية ـ برهان الدين الحلبي.
(٣) تراجم سيدات بيت النبوة الدكتورة بنت الشاطئ.