تذكرت أمها خديجة (رض) ... وعمها أبا طالب ، واختيها زينب ورقية وقد هاجرتا مثلها من مكة ، ولكن إلى غير رجعة ... لقد رقدتا تحت ثرى المدينة المنورة.
وها هي ( الزهراء ) ترجع وحدها مع أبيها الفاتح العظيم وزوجها البطل الكبير ، وكم تمنت لو أن أمها ... وعمها وجميع الأحباب المفقودين يشاركونها الفرحة الكبرى بالنصر المبين.
انهملت الدموع من عينيها غزيرة ، فقد هاجت بنفسها الأشجان ، وبقيت مع أطيافها وهي تقترب من أم القرى وفي غمرة شجونها وأساها ، صحت من تأملاتها على صوت الحق المنبعث من حناجر المسلمين الفاتحين.
كادت الجبال تتصدع خشية ورهبة ... من هتاف عشرة آلاف مسلم قائلين :
« الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله والله أكبر ».
وقفت عليهاالسلام وهي تنظر إلى أهالي مكة ، وطواغيت قريش ... وهم يفرون من وجه تلك الجموع الدافقة ... وقد استولى عليهم الذعر والخوف والجزع. وكاد قلبها يطير فرحاً عندما شاهدت أباها النبي العظيم (ص) بين أصحابه ، يحفون به وهو محني الرأس تواضعاً لله وشكراً له على ما أنعم عليه سبحانه.
ودخل الرسول (ص) على هذه الصورة ، حتى لتكاد جبهته الشريفة تمس رحل الناقة ... ورأته عليه الصلاة والسلام يوصي قادة جيشه بعدم مقاتلة أحد. ويعلن العفو عن الجميع مستثنياً أفراداً قلائل من الرجال والنساء ،