أفلا ترضون يا معشر الأنصار ان يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله الى رحالكم.
فو الذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت إمرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعباً (١) وسلكت الأنصار شعباً ،لسلكت شعب الأنصار ... ثم قال :
« اللهمَّ ارحم الانصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار ».
قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا :
« رضينا برسول الله قسماً وحظاً » ثم انصرف رسول الله (ص) ، وتفرقوا » (٢).
بقيت الزهراء (ع) إلى جانب أبيها بمكة حوالي شهرين وبعض الأيام ...
فقد جاءت مع ابيها وزوجها وجيش المسلمين الى البلد الحرام ، في شهر رمضان من العام الثامن للهجرة ، وغادرتها مع ابيها وزوجها والأنصار الى المدينة المنورة في آخر شهر ذي الحجة من العام نفسه.
لقد سعدت الزهراء (ع) عامين كاملين ، ونعمت بالهدوء والاستقرار ، تستجلي طلعة أبيها النبي (ص) في الغدو والآصال تلك الطلعة البهية المشرقة.
وقد ابتسمت لها الأيام ، فاستردت بعض قواها ، التي ذهبت بها الصدمات التي لاقتها في حياتها الأولى ، واستعادت نشاطها فعكفت توفر الراحة لزوجها الإمام علي (ع). وتبذل ما في وسعها لتربية أولادها « أحفاد الرسول وأحبابه وذريته وامتداد نسله ».
__________________
(١) الشعب : الطريق بين جبلين.
(٢) كما ذكر هذه الرواية الطبري في تاريخه ، كذلك ذكرها ابن هشام في سيرته ، وغيرهما من أهل التاريخ والسير ...