وسمعته في حجة الوداع على جبل عرفات وقد وقف بين المسلمين يقول لهم : ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ).
ورأته مراراً يخرج الى زيارة القبور ويخاطبهم بكلمات تشعر بدنو أجله.
وما ان سمعت شكواه حتى أسرعت وقلبها يرتجف وقد استولى عليها الحزن ... والخوف ، ولكنها كانت تتجلد صابرة.
رأته (ص) يجمع اصحابه ، ويوصيهم بأهل بيته خيراً بنصوص كثيرة وفي كتاب ظلال الوحي قوله :
« على ان حياة النبي كانت مفعمة بتلك النصوص ، منذ يوم الانذار في دار ابي طالب فما بعده من الأيام حتى سجي على فراش الموت والحجرة غاصة بأصحابه فقال :
أيها الناس ، يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا وإني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال : هذا علي مع القرآن ، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض » (١).
ورأته عليه الصلاة والسلام يطلب من أصحابه دواة وقرطاساً ، ويلح في طلبه ويكرر قائلاً : « آتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي ابداً ... ».
وخانها تجلدها واصطبارها ، وقد رأت اباها الرسول يتململ من شدة الألم ويأخذ الماء بيده الشريفة ليمسح به رأسه لعله يخفف وطأة الألم. ثم يتأوه قائلاً : واكرباه ...
__________________
(١) عن كتاب في ظلال الوحي ـ للسيد علي فضل الله الحسني.