وبلغ من جودها (ع) وسخائها العظيم ، انها كانت تؤثر المحتاجين على نفسها ، وتعطي الفقراء قوتها الذي لا تملك سواه كما كان يفعل أبوها النبي وزوجها علي وبهم نزلت الآية الكريمة : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) (١).
وبدا الإمام (ع) في حزنه كسير القلب ، متصدع الأركان مع أنه ذلك الأسد الهصور، والبطل الهمام.
وتذكر الزهراء (ع) ، والحسرة تعصر قلبه ... لما لاقته في حياتها من أتعاب ، وآلام وأفراح وأحزان ، صاحبة النفس الرحيمة والقلب الكبير التي قضت حياتها وأفنت عمرها القصير في الجهاد والتضحية لخدمة الإسلام والمسلمين.
فكيف ينسى الإمام (ع) زوجته ، هذه الإنسانة الحورية ... وينسى مواقفها البطولية ، وشجاعتها وبلاغتها وعلمها وفصاحتها ، مع ثباتها على الحق.
وإذا اشتد به الأسى والألم نجده عائداً إلى بيته وألم الحزن يحز في نفسه.
وكيف لا يكون ذلك وقد فقد شخصين عظيمين من أعز الناس عليه وهما « محمد ... وفاطمة » تلك الشجرة الطيبة والغمامة ذات الظل الوارف ، والعلم الزاخر والغضل الذي لا يدرك مداه.
__________________
(١) سورة الحشر ـ آية ـ ٩.